هَمْس الأحرف.. أحكي لكم بأسفٍ عن ماضٍ منذ ثمانِ سنوات برفقة زميلاتي "شبوة وشفيقة"
اليوم وبعد مرور ثمان سنوات على ذلك الوعد الذي لا زالت كفي تحتفظ بدفء كف زميلاتي " شَبوة و شفيقة".
أحكي لكم بأسفٍ عنه:
عُد يا شريط الذكرى إلى مرحلة الثانوية العامة وتحديداً " أولى ثانوي"
عندما ألقيت الخطابة في إذاعة المدرسة اخترت أن تكون " شيء إيجابي" تحدثت عن قصة المهلم الأول لي، الكاتب " مصطفى محمود" حفظت الكلام بصفحة رأسي وتحدثت بكل طاقتي، هدأت الأصوات وكل العيون حدّقت فيَّ! كانت أول مرة ألقي فيها خطابة... ختمت حديثي بعبارة " سنصل" صفّق الجميع حتى المعلمات...كانت هذه الخطابة سبب تجمع الفتيات الطموحات حولي..
خرجت من بوابة المدرسة وجلست على الرصيف الذي بجوارها، أمسكت مذكرتي وشرعت في الكتابة وإذا بزميلاتي أقبلن نحوي وتجاذبنا أطراف الحديث... عن الحُلم، عن الأمنيات... وكون أننا في قطعة جغرافية تحصر الاحلام وتقتلها... كانت كل أحلامنا لا تتجاوز عتبة الطب
حمدة: طب جراحة المخ والأعصاب
شفيقة: طيب أسنان
شبوة: طيب عام
تحدثنا عن كيف يموت أغلب المرضى في محافظتنا وهم في طريق السفر إلى مدينة أخرى من أجل العلاج! غالباً تكون الحالة طارئة والسفر يستغرق ٦ إلى ٨ ساعات ويموت المريض خلالها!
أذكر وقتها أننا ذهبنا بحثاً عن بقعة أرض جيدة لبناء مستشفى كبير حيث يضم أغلب الأقسام وبدلاً من أن يسافر المرضى من شبوة إلى عدن أو صنعاء أو حضرموت، يتعالجون بسهولة في هذا المستشفى و حلّقت أحلامنا قليلاً إلى أن قلنا يكون مستشفى كبير حتى يرتاده المرضى من جميع أنحاء الوطن العربي.
وضعنا أكفنا ببعض و قطعنا وعداً أن نحقق أحلامنا، ويصبح الحلم حقيقية!.
أبحرت سفينتنا.. هبّت ريحٌ غيّرت مجراها
تزوجت شبوة قبل أن نتخرج من الثانوية العامة
بقينا اثنتان... تخرجنا
انتقلت إلى مدينة عدن
أما شفيقة انقطعت أخبارها عنّي! كون أنني شخص لا يهتم بالتواصل كثيراً... لكن ما سمعته أنها تزوجت.
عملت ما في جهدي لأكون دكتورة .. وبين غمضة عين وانتباهتها يغير الله من حالٍ إلى حال... وجدت نفسي في كلية اللغات والترجمة!
وبعد فترة من الزمن.. جلست أفكر
الوعد الذي قطعناه لم نفكر أن كل الأشياء تتغير في هذه الحياة ... وتساءلت هل يكون يكون ذنباً أننا لم نفِ بالوعد؟! ..
فكرت حينها؛ لم أفكر قط في حلمي أو ماذا سأكون عليه مستقبلاً... كانت كلمة واحدة من أبي رسمت لي مستقبلا لذتُ بخسرانه و وجدت نفسي رفيقة دمعي.. لم أفكر قط في التخصص الذي سأدرسه! كانت حياتي كلها أقدار.
لم أبكِ حينها.. بل فكرت بعقل رجلٍ دون عاطفة الأنثى
و وجدت أنني حقاً أتمنى أن تكون محافظة شبوة متحضرة بكل الجوانب ...
وكون أنني أول كاتبة من شبوة، وأول فتاة تسعى لتكون صوت لكل الفتيات الطموحات اللاتي حُرمن من أحلامهن! اللاتي قيدتهن عادات وتقاليد تحت مسمى " امرأة" قصقصت إبداعهن ليكن "أمهات" ينجبن الكثير من الأطفال دون وعي وعلم.. فقط عاهة على المجتمع! أحارب الأفكار لا العادات! أحارب الجهل لا العلم، أحارب مشاكل المجتمع لا المجتمع!...
#حمدة_سنيد