أسعار الذهب على موعد مع تحركات بسبب الصين.. خفض الإعفاءات الضريبية وتجميد حسابات الاستثمار
                                محور بلس - بقش
تتحرك الصين بخطوات محسوبة لإعادة ضبط سوق الذهب المحلي، في وقت يشهد فيه المعدن الأصفر موجة شراء عالمية غير مسبوقة دفعت أسعاره إلى مستويات قياسية. آخر القرارات جاءت مع تقليص الإعفاء الضريبي على مشتريات الذهب ووقف بعض البنوك الحكومية فتح حسابات الذهب للمستثمرين الجدد، ما أثار ردود فعل واسعة في أكبر سوق استهلاكية للمعدن في العالم.مجوهرات ذهبية
قرار بكين بخفض الإعفاء من ضريبة القيمة المضافة من 13% إلى 6% على بعض مشتريات الذهب عبر بورصة شنغهاي للذهب، مثّل تحوّلاً رئيسياً في سياسة ظلّت قائمة لسنوات وفق اطلاع مرصد “بقش”، لتضع ضغطاً مباشراً على سوق التجزئة وصناعة المجوهرات، بينما يبقى الذهب المخصص للاستثمار مثل السبائك معفى من الضرائب.
تزامن ذلك مع خطوة مفاجئة من بنك التعمير الصيني الذي أوقف استقبال طلبات جديدة لفتح حسابات الذهب، قبل أن يتراجع بنك آخر عن إجراء مشابه بعد ساعات. هذه التحركات تعكس حرص السلطات على تهدئة الطلب المتزايد وضبط السوق قبل اتساع موجة المضاربة.
قرارات البنوك: تجميد مفاجئ ثم تراجع حذر
بنك التعمير الصيني أعلن وقف قبول طلبات فتح حسابات الذهب دون توضيح الأسباب، في خطوة فُسرت على أنها جزء من سياسة احترازية لتنظيم السوق ومنع تدفق سيولة جديدة إلى أداة ادخارية قابلة لتضخيم الطلب.
البنك الصناعي والتجاري الصيني (ICBC) اتخذ القرار نفسه لكنه سرعان ما تراجع عنه بعد ساعات، ما يشير إلى أن الإجراءات ما تزال تجري تحت الاختبار، مع محاولة موازنة استقرار السوق وعدم إثارة هلع المستثمرين.
هذه الخطوات تأتي في وقت يتسابق فيه المواطنون في الصين لشراء الذهب، سواء عبر الحسابات المصرفية أو من متاجر المجوهرات التقليدية، وسط مخاوف اقتصادية عالمية دفعت المعدن الأصفر إلى صدارة شهية الأفراد.مجوهرات ذهبية
قرارات البنوك ترجمت عملياً رسالة واحدة: السيطرة على التدفقات الجديدة وتنظيم السوق قبل حدوث اختلال يصعب احتواؤه لاحقاً.
الضريبة الجديدة.. ضغط على المجوهرات وصناعة الذهب
ابتداءً من 01 نوفمبر الجاري، دخلت الضريبة المعدّلة حيّز التنفيذ، لتشمل مشتريات الذهب عبر بورصة شنغهاي للذهب وبورصة شنغهاي للعقود الآجلة حسب متابعة بقش، باستثناء السبائك والمشتريات الاستثمارية المباشرة.
التغيير يستهدف في الأساس قطاعي المجوهرات والاستخدام الصناعي للذهب، بينما تُعفى الاستثمارات المباشرة والأدوات الورقية المرتبطة بالذهب في البورصات، ما يعزز توجه بكين لدعم المحافظ الاستثمارية الرسمية على حساب الطلب الاستهلاكي التقليدي.
وفقاً لمحلل UBS جوني تيفيس، فإن تقليص الإعفاء الضريبي سيرفع تكلفة استهلاك الذهب في الصناعات والمجوهرات، لكنه في الوقت ذاته قد يدفع المزيد من الشركات للانضمام إلى السوق المنظمة عبر البورصات، بما يعزز الشفافية والسيولة.
بمعنى آخر، بكين لا تخفض الضرائب لأجل الإيرادات فقط، بل لإعادة توجيه السوق نحو قنوات مالية أكثر مراقبة وتنظيماً.
الأسعار والأسهم تتفاعل: تقلبات حادة بعد الازدهار
بعد وصول الذهب إلى مستوى تاريخي عند 4381 دولاراً للأونصة في 20 أكتوبر، تراجع السعر لاحقاً بنحو 9% ليستقر قرب مستوى 4000 دولار حسب تتبُّع مرصد بقش، في أول موجة تصحيح بعد الارتفاع الكبير.مجوهرات ذهبية
شركات الذهب المدرجة تأثرت فوراً؛ حيث تراجعت أسهم شركات Laopu Gold وChow Tai Fook بين 9% و12%، بينما سجلت شركات التعدين مثل Zijin Mining وZhongjin Gold انخفاضات طفيفة بحدود 1.5%.
هذه التراجعات تعكس المخاوف من تراجع الطلب الاستهلاكي المحلي نتيجة السياسات الجديدة، رغم بقاء الطلب الاستراتيجي على الذهب قوياً بفعل حالة عدم اليقين العالمي واهتمام البنوك المركزية.
الرسالة الأساسية في تحركات السوق: المستثمرون يراقبون، والذهب لم يفقد مكانته بعد، لكن طريقه لن يكون صاعداً بلا توقف.
الصين لا تغلق باب الذهب، لكنها تعيد تنظيمه. وبين ضبط الطلب المحلي وتوجيه السيولة نحو أدوات مالية رسمية أكثر انضباطاً، تحاول بكين تحقيق توازن بين حماية السوق من المضاربة وبين الحفاظ على جاذبية المعدن كمخزن للقيمة.مقارنة أسعار
وبينما يتعامل المستثمرون مع هذه المرحلة الانتقالية، يبدو واضحاً أن الذهب سيبقى جزءاً أساسياً من المشهد الصيني، لكن تحت عين رقابية حكومية أشد وأدق من أي وقت مضى."




