إعادة الاعتبار للمعلم: أساس نهضة التعليم
في مشهد يفيض بالحياة ويزرع الأمل في وطننا المكلوم تدفق أكثر من 2.7 مليون طالب وطالبة مع بداية العام الدراسي الجديد 2025-2026م إلى مدارسهم في المحافظات المحررة حاملين دفاترهم وحقائبهم وأحلامهم الكبيرة فهذا المشهد لم يكن مجرد عودة إلى الفصول الدراسية بل كان عودة إلى المستقبل ذاته إلى مشروع بناء وطن لا يقف على الإسمنت والحجارة بقدر ما يقوم على العقول والوعي.
رئيس مجلس الوزراء سالم صالح بن بريك وصف هذه العودة بأنها أعظم رسالة أمل وصمود وهي بالفعل كذلك ففي زمن تكثر فيه التحديات وتثقل فيه الهموم على الناس يأتي صوت التعليم ليقول إننا ما زلنا نمتلك ما هو أثمن من كل شيء الجيل الجديد النبتة التي لا بد أن تُروى لتثمر.
ومع مرور أسبوع كامل منذ انطلاق العام الدراسي تتجلى أمامنا الحاجة الملحّة لإعادة الاعتبار للعلم والمعلم معًا فالعلم هو الجسر الذي يعبر بنا نحو الغد ولكن من دون معلم كريم مصان لن يكون لهذا الجسر أعمدة صلبة والمؤسف أن مكانة المعلم في بلادنا تراجعت بصورة لم يشهدها التاريخ إذ يهان في راتبه وكرامته ومكانته الاجتماعية بينما يفترض أن يكون هو القدوة والرمز وصانع النهضة.
إن عودة الطلاب بهذا الزخم والفرح تمثل فرصة ذهبية للدولة والمجتمع كي يثبتا أن التعليم ليس مجرد واجب موسمي بل مشروع وطني شامل وعلينا أن نرتقي بالمدارس لتكون بيئة جاذبة ونطور المناهج لتواكب العصر ونمنح المعلم حقه المادي والمعنوي لأن أي استثمار في غير الإنسان هو استثمار ناقص وأي إهمال للمعلم هو إضاعة لمستقبل أمة بأكملها.
لقد حان الوقت أن نعيد النظر في فلسفتنا التعليمية برمتها فكيف ندرس وماذا ندرس ولماذا ندرس وكيف نصنع جيلاً لا يكتفي بالحفظ والتلقين بل يبدع ويبتكر ويشارك في صناعة الحلول لمشكلات وطنه هذه الأسئلة يجب أن تتحول إلى برنامج عمل لا مجرد شعارات ترفع عند تدشين كل عام دراسي.
إن ملايين الأقلام الصغيرة التي عادت اليوم إلى مقاعدها تستحق أن تجد خلفها دولة تحميها ومجتمعا يساندها ومعلما يقف شامخا مكرمًا وعندها فقط يمكننا أن نقول نعم لقد بدأنا معركة البناء الحقيقية معركة العقل قبل كل شيء.
فليكن هذا العام الدراسي بداية عهد جديد عهد نضع فيه التعليم في مكانته التي تليق به ونصون فيه المعلم كما نصون الوطن نفسه لأنه ببساطة لا وطن بلا معلم.