جمارك عدن تصدر تعميماً هاماً بخصوص الدولار الجمركي

جمارك عدن تصدر تعميماً هاماً بخصوص الدولار الجمركي

محور بلس - بقش

أصدرت مصلحة الجمارك اليمنية في عدن بياناً حصل “بقش” على نسخة منه، نفت فيه ما تداوله ناشطون ووسائل إعلام محلية حول تعديل التعرفة الجمركية أو رفع سعر الدولار الجمركي بنسبة 100%.

وقالت المصلحة في بيان النفي إن سعر الدولار الجمركي والرسوم الجمركية ثابتة ولم يطرأ أي تغيير رسمي، ودعت وسائلَ الإعلام إلى تحري الدقة واستقاء المعلومات من المصادر الرسمية.

وفي الآونة الأخيرة يتم الحديث عن لجوء الحكومة اضطرارياً إلى رفع الدولار الجمركي البالغ حالياً 750 ريالاً للدولار الواحد، إلى 1500 ريال للدولار، وسط أزمة الإيرادات التي تعاني منها الحكومة، بالتزامن مع الفشل في إلزام أكثر من 200 جهة ومؤسسة إيرادية بتوريد الإيرادات إلى حساب الحكومة في بنك عدن المركزي.

تكدس للشاحنات و”أزمة مصارفة”

أشارت مصلحة الجمارك في بيانها إلى أن الشاحنات متأخرة في بعض المنافذ ليس بسبب قرار جمركي جديد، بل لرفض بعض التجار العمل بقرار المصارفة الصادر عن رئاسة الوزراء ولجنة تنظيم وتمويل الاستيراد الذي يلزمهم بفتح الاعتمادات المستندية عبر لجنة الاستيراد وبنك عدن المركزي.

وحسب معلومات بقش، تشهد المنافذ الجمركية في عدن ولحج وتعز تكدساً للشاحنات وتأخراً في الإفراج عن البضائع، ما أثار موجة جدل جديدة حول أسباب الأزمة، لتكشف المصلحة أن السبب الحقيقي هو رفض التجار الالتزام بقرار المصارفة.

ويقضي قرار المصارفة بإلزام التجار والمستوردين بفتح الاعتمادات المستندية عبر لجنة الاستيراد، في محاولة من الحكومة لتنظيم سوق العملة وتمويل الاستيراد بشكل رسمي، بما يمنع المضاربات في السوق الموازية ويضمن تدفق العملات الأجنبية عبر القنوات البنكية.

وجاء هذا القرار ضمن مساعي الحكومة لتقليص الاعتماد على السوق السوداء للدولار، وضبط عملية تمويل الاستيراد التي شهدت خلال الأشهر الماضية انفلاتاً كبيراً أدى إلى تدهور العملة المحلية وارتفاع أسعار السلع الغذائية والاستهلاكية.

لكن هذا الإجراء، الذي يُفترض أنه تنظيمي، قوبل برفض من قبل عدد من التجار الذين اعتبروا أنه يقيّد حركتهم التجارية ويجعلهم تحت رحمة إجراءات بيروقراطية وبنكية معقدة في ظل ضعف الثقة ببنك عدن المركزي واستمرار اضطراب سوق الصرف.

وذكرت مصادر تجارية في عدن لمرصد “بقش” أن هناك تعقيداً في إجراءات الاعتمادات المستندية التي تتطلب ضمانات مصرفية وحسابات بنكية يصعب على بعض التجار الصغار والمتوسطين توفيرها.

كما يشكو التجار من غياب الثقة بالبنك المركزي في عدن وقدرته على تلبية طلبات الاعتماد في الوقت المناسب، نتيجة شح النقد الأجنبي وضعف الموارد الحكومية.

ويتخوف تجار من فقدان حرية التعامل المباشر بالدولار النقدي في السوق الموازي، وهو ما كان يمنحهم مرونة في إدارة التوريد والدفع الخارجي.

الانعكاسات المباشرة على النشاط التجاري

يعلّق الخبير الاقتصادي أحمد الحمادي لـ”بقش” بقوله إن توقف الشاحنات يعني أن هذا الخلاف أدى إلى تعطل حركة الاستيراد مؤقتاً في عدد من المنافذ الجمركية، ويشمل ذلك إيقاف بعض الشركات إجراءات التخليص الجمركي بانتظار اتضاح الموقف.

ويشير إلى أن استمرار أزمة المصارفة قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية إذا ما حدث شح في البضائع بالأسواق، كما قد يؤدي إلى اضطراب سلاسل الإمداد التجاري خاصة للمواد الغذائية والمشتقات النفطية، وتزايُد المضاربات في سعر الصرف، وهو ما يُضعف جهود البنك المركزي في السيطرة على العملة.

وتأتي خطوة إلزام التجار بالمصارفة الرسمية ضمن خطة أوسع للحكومة تهدف إلى السيطرة على تدفق النقد الأجنبي خارج النظام المصرفي، في وقت تشهد فيه حكومة عدن تراجعاً حاداً في الاحتياطات الأجنبية وارتفاعاً في فاتورة الاستيراد التي بلغت عام 2021 قرابة 9.2 مليارات دولار وفق مراجعة بقش لبيانات وثَّقها البنك الدولي.

ويرى الاقتصاديون أن نجاح قرار المصارفة عبر لجنة تنظيم وتمويل الاستيراد مرهون بقدرة بنك عدن المركزي على توفير الدولار للتجار في الوقت المناسب وتطبيق معايير شفافة في منح الاعتمادات، بحيث لا يتحول القرار إلى أداة للتمييز بين كبار التجار وصغارهم.

ولعل هذه الأزمة تمثّل اختباراً لعلاقة حكومة عدن بالقطاع التجاري ومستقبل هذه العلاقة، فبينما تصر السلطات على تنظيم عملية الاستيراد عبر النظام المصرفي، يخشى التجار من فقدان السيطرة على تعاملاتهم النقدية، وفي حال عدم التوصل إلى تسوية تضمن المرونة للتجار والرقابة للحكومة، فإن الأزمة مرشَّحة للتصاعد خلال الأسابيع المقبلة، بما ينعكس سلباً على حالة السوق العامة والأسعار والمعيشة والاستقرار المالي."