الموظفون الأمميون في اليمن: بين مطرقة الحوثيين وسندان الصمت الدولي
محور بلس/ متابعات
حذّر مسؤولون وحقوقيون يمنيون، من استمرار ميليشيات الحوثي في محاكمات "غير شرعية" للعشرات من موظفي المنظمات الأممية، واستمرارها في "ارتكاب مزيد من الجرائم ضد الإنسانية، عبر الإعدامات خارج نطاق القانون".
وأعلن القائم بأعمال وزير الخارجية في حكومة الحوثيين غير المعترف بها دولياً، عبدالواحد أبو راس، إحالة ملفات "أفراد خلية التجسس التابعة لبرنامج الغذاء العالمي ومنظمة يونيسيف، إلى القضاء، تمهيداً لإصدار الأحكام القضائية".
وقال أبو راس، في تصريحات نقلتها قناة "المسيرة" التابعة للحوثيين، إن التحقيقات "أكدت ضلوع هذه الخلايا في عملية الاستهداف المباشر للحكومة"، وإن جميع الخطوات "نُفذت منذ البداية تحت إشراف قضائي كامل وباطلاع من النيابة"، حسب مزاعمه.
مدعياً وجود "إثباتات وأدلة قوية تؤكد تورط المضبوطين"، إلى جانب مخالفات أخرى ارتكبتها المنظمات، من بينها "إدخال أجهزة استخباراتية وتجسسية إلى البلاد بطرق غير مشروعة وغير مرخصة".
ومنذ منتصف العام الماضي، صعّد الحوثيون من عمليات احتجاز الموظفين الأمميين في مناطق سيطرتهم، قبل أن تزداد حدّة "انتهاكاتهم التعسفية" ضد المقرات الأممية في صنعاء وموظفيها، عقب الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف حكومة الميليشيات في أواخر أغسطس/ آب المنصرم، وأدى إلى مقتل رئيسها و9 من الوزراء.
وارتفع عدد الموظفين الأمميين المعتقلين لدى الحوثيين، إلى 59 موظفاً، وسط انتقادات محلية لتعاطي المجتمع الدولي والأمم المتحدة مع أزمة الموظفين المحليين، وغياب الإجراءات الرادعة التي تضمن سلامة المحتجزين.
انتهاك صارخ
ويقول وكيل حقوق الإنسان لدى الحكومة الشرعية، ماجد فضائل، إن اختطاف ميليشيات الحوثي للموظفين الأمميين واحتجاز حريتهم وتلفيق التهم لهم، وعدم تمكينهم من الدفاع عن أنفسهم، ومن ثم تقديمهم إلى المحاكمة، يعدّ "مخالفة جسيمة وانتهاكا صارخا للقانون الدولي الإنساني".
وأضاف فضائل في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن أي إجراءات تتخذها الميليشيات، "تُعتبر غير شرعية ولا أساس قانونيا لها؛ لأنها صادرة عن سلطة انقلابية سطت على الدولة ومؤسساتها".
معتبراً إقدام الحوثيين على هذه الخطوة "الخطيرة للغاية، مؤشرا على توجههم نحو تصفية الموظفين الأمميين، في تكرار لجرائم الإعدام التي ينفذونها خارج نطاق القانون".
ودعا المسؤول اليمني، المجتمع الدولي والأمم المتحدة، إلى تحرك فعلي ووقفة حاسمة وعاجلة لمنع تصفية موظفيها وحمايتهم بأي شكل كان.
مئات الأحكام
وطبقاً لتقرير صادر الشهر الماضي عن منظمة "سام" للحقوق والحريات، فقد بلغ عدد أحكام الإعدام التي أصدرها الحوثيون منذ العام 2014، 550 حكماً، "معظمها بدوافع سياسية وطائفية، وفي محاكم تفتقر إلى الاستقلالية والعدالة".
وفي سبتمبر/ أيلول من العام 2021، نفذ الحوثيون عملية إعدام جماعية لـ9 يمنيين رمياً بالرصاص، بعد اتهامهم بتقديم معلومات "حسّاسة" أدت إلى مقتل رئيس "المجلس السياسي الأعلى" لدى الميليشيات، صالح الصماد في العام 2018؛ ما أثار تنديداً واسعاً على الصعيد الدولي والأممي والمحلي.
من جهتها، اعتبرت "الشبكة اليمنية للحقوق والحريات"، تقديم 43 موظفاً من الموظفين العاملين في وكالات وهيئات الأمم المتحدة العاملة في اليمن، إلى محاكم الحوثيين "عدوانا جديدا على العمل الإنساني والدولي في البلاد، وجريمة دولية مركبة".
وقالت المنظمة المحلية، إن "هذه الاتهامات تفتقر إلى أي أساس قانوني أو أدلة مادية"، وإن استمرار الصمت الأممي والدولي تجاهها "يشجّع الميليشيات على المضي في جرائمها دون رادع، ويهدد سلامة وأمن العاملين في المجال الإنساني؛ ما قد يؤدي إلى كارثة إنسانية جديدة".
قضاء غير مستقل
ويرى المدير التنفيذي لـ"المركز الأمريكي للعدالة"، عبدالرحمن برمان، أن القضاء في مناطق سيطرة الحوثيين غير مستقل، ومؤسساته غير دستورية، "وهي خاضعة كلياً للميليشيات، وتُدار وفق توجيهاتها السياسية والأمنية".
ووصف ما يحدث للموظفين الأمميين بأنها "ليست محاكمة بوصفها القانوني، بل عملية احتجاز تعسفية وتوظيف سياسي للقضاء من قبل الحوثيين، تكشف محاولة استخدامه كأداة سياسية للابتزاز والضغط على المجتمع الدولي والأمم المتحدة، للحصول على اعتراف مباشر بسلطاتهم، فضلا عن سعيهم إلى تحقيق مكاسب تفاوضية".
وقال برمان في حديثه لـ"إرم نيوز"، إن مجلس القضاء الأعلى لدى الحكومة الشرعية، الذي يعد الجهة المختصة، أصدر قراراً بإلغاء المحكمة الجزائية المتخصصة في صنعاء الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، وبالتالي يُصبح كل ما يصدر عنها باطلا وبلا قيمة ودون أي أثر قانوني.
مؤكداً أن الموظفين الأمميين يتمتعون بحماية قانونية خاصة بموجب حصانة اتفاقيات الأمم المتحدة، المُصادق عليها في العام 1946، والتي تنص بشكل واضح وصريح على عدم خضوع موظفيها لأي شكل من أشكال الاعتقال أو الملاحقة القضائية أثناء أداء مهامهم.
وذكر برمان أن كل الدول والجهات، مُلزمة بتطبيق هذه الاتفاقية، حتى وإن كانت تحت سيطرة ميليشاوية خارجة عن النظام والقانون، "خاصة أن الحوثيين أعلنوا بعد سيطرتهم على صنعاء والمحافظات المجاورة لها، التزامهم بالاتفاقيات الدولية".




