القات شبح يهدد شبابنا ومستقبل أسرنا

القات شبح يهدد شبابنا ومستقبل أسرنا


محور بلس

بقلم: نوح عبدالله الناخبي

في كل زاوية وشارع، تتكرر الصورة ذاتها: مجالس مليئة بالشباب، بل وحتى كبار السن، وجوههم متعبة، وأوقاتهم تضيع في طقس اجتماعي تحول إلى آفة تدمّر الأفراد والمجتمعات. القات، تلك الشجرة التي تستهلك الأوقات والأموال والصحة، لم يعد مجرد عادة، بل أصبح سدًا منيعًا يقف في وجه أحلام وطموحات جيل كامل.

تخيل أن الأب، الذي كان من المفترض أن يكون مرشدًا وناصحًا لأبنائه، يقضي ساعات طويلة من يومه في مجالس القات. هذا الوقت الثمين الذي كان يمكن أن يقضيه مع أسرته، يشاركهم أحلامهم، ويحل مشاكلهم، ويزرع فيهم القيم والأخلاق، أصبح وقتًا ضائعًا. القات لا يسرق المال فقط، بل يسرق أيضًا أهم ما يملكه الإنسان وقته وجودته في حياة من يحب. إنه يترك فراغًا عاطفيًا وتربويًا في حياة الأبناء، الذين ينمون دون توجيه كافٍ، ويُصبحون عرضة للتأثر بالرفقة السيئة.

أما الشباب، وهم عماد المستقبل، فهم الأكثر عرضة لهذا الخطر. في سن تتطلب منهم الجد والاجتهاد لتحقيق أحلامهم، يجدون أنفسهم مدمنين على عادة تسرق منهم أغلى ما يملكون: طاقتهم، وأموالهم، وتركيزهم. المال الذي كان يمكن أن يُستثمر في التعليم، أو بدء مشروع صغير، أو تطوير مهارات جديدة، يذهب أدراج الرياح لشراء حزمة قات. الوقت الذي كان يمكن أن يُقضى في القراءة، أو ممارسة الرياضة، أو العمل الجاد، يُستهلك في جلسات طويلة لا فائدة منها. إنها حلقة مفرغة من الإدمان تقتل الطموح وتُدفن الأحلام قبل أن ترى النور.

نداء من القلب إلى القلب

كشاب منكم، أرى كيف أن هذه العادة تسرق أفضل سنوات حياتنا. أرى كيف ينسحب الأصدقاء واحدًا تلو الآخر نحو هذا العالم، ويتركون خلفهم أحلامًا كانت في يوم من الأيام مشرقة. لذا، أتوجه إليكم بهذه النصيحة من القلب: ابتعدوا عن القات. حافظوا على صحتكم لأنها كنزكم الحقيقي، ولا تفرطوا فيها. القات يسبب أضرارًا جسيمة للجهاز الهضمي والقلب، ويؤدي إلى مشاكل في الأسنان والأعصاب. استثمروا أموالكم في أحلامكم الكبيرة والمشاريع التي طالما تمنيتموها، فكل ريال يُدفع في القات هو ريال مسروق من مستقبلكم. استغلوا أوقاتكم في التعلم والعمل وإنشاء ذكريات جميلة مع عائلاتكم وأصدقائكم، بدلًا من إهدارها في مجالس لا تُثمر إلا التعب والندم.

تذكروا دائمًا أن الطريق إلى تحقيق الأحلام يبدأ بخطوات صغيرة، وأولها هو الابتعاد عن كل ما يعيقها. أنتم تستحقون حياة أفضل، ومستقبلًا أكثر إشراقًا. لا تدعوا شجرة القات تقف عائقًا بينكم وبين ما تتمنون..