رغم تحسن الريال واستقرار الصرف… لماذا لا تنخفض الأسعار؟

خاص
محور بلس
في الأسابيع الأخيرة، شهد الريال اليمني تحسناً ملحوظاً أمام العملات الأجنبية، مدفوعاً بحالة من الاستقرار في سوق الصرف، وحملات رقابية صارمة نفذها البنك المركزي على البنوك وشركات الصرافة.
هذا التحسن، الذي كان من المفترض أن ينعكس بشكل مباشر على أسعار السلع والخدمات، لم يجد طريقه حتى الآن إلى حياة المواطن، الذي ما زال يواجه موجة غلاء خانقة في مختلف القطاعات.
في الأسواق، لا تزال أسعار المواد الغذائية الأساسية – من الحبوب والدقيق والزيوت والسكر إلى منتجات الألبان – عند مستويات مرتفعة، بل إن بعضها سجل زيادة طفيفة في الأيام الماضية. الأدوية بدورها، التي يفترض أن تنخفض أسعارها مع تراجع تكلفة الاستيراد، واصلت القفزات السعرية، لتضاعف معاناة المرضى وأسرهم.
المفارقة أن التبرير القديم لارتفاع الأسعار – والمتمثل في تقلبات الصرف – قد سقط تماماً أمام واقع الاستقرار الحالي. لكن بعض التجار بمختلف قطاعاتهم لم يبدوا أي تجاوب فعلي أمام هذا التحسن، وكأن الأسعار أصبحت خارج منطق العرض والطلب، أو رهينة لجشع الأسواق أكثر من ارتباطها بالقوانين الاقتصادية.
هذه الفجوة بين الواقع الاقتصادي وأسعار السوق تطرح سلسلة من التساؤلات:
-إذا كان الريال قد تحسن واستقر، فلماذا تبقى الأسعار على حالها؟
-أين دور الجهات المعنية في إلزام التجار بخفض الأسعار بما يتناسب مع انخفاض كلفة الاستيراد؟
-هل تتحكم الاعتبارات الشخصية والمزاج التجاري في السوق أكثر من القوانين والرقابة؟
-ولماذا تتركز الرقابة على المصارف بينما السوق نفسه خارج دائرة المساءلة الفعلية؟
المواطن البسيط، الذي يتابع أخبار تحسن العملة يومياً، ينتظر أن يلمس أثر ذلك في حياته اليومية: في سعر رغيف الخبز، في فاتورة الكهرباء والمياه، في ثمن علبة الدواء، وفي تكلفة المواصلات أو وجبة بسيطة في مطعم شعبي. لكن الانتظار طال، والنتيجة حتى الآن لا تختلف كثيراً عن أيام انهيار العملة.
وفي ظل هذا الواقع، يبدو أن المعركة الحقيقية لم تبدأ بعد. فالتحدي الأكبر أمام الحكومة والبنك المركزي ليس فقط ضبط سعر الصرف، بل إجبار السوق على احترام هذا الاستقرار، وترجمة الأرقام الإيجابية إلى حياة معيشية أفضل يشعر بها الجميع، لا أن تبقى مجرد عناوين في نشرات الأخبار.