"نريد حياة كريمة".. ثورة النسوان في عدن تهز أركان المسؤولين

"نريد حياة كريمة".. ثورة النسوان في عدن تهز أركان المسؤولين
صورة امرأة ترفع لافته تطالب فيها بحياة كريمة أثناء المظاهرة النسائية في ساحة العروض في خور مكسر - عدن،

عدن- محور بلس/ خاص:

لم يكن عصر الجمعة في ساحة العروض بعدن عادياً، فالنساء حضرن من مختلف مديريات العاصمة للمشاركة في وقفة احتجاجية نسوية حاشدة، للأسبوع الثاني على التوالي، يرفعن الصوت عالياً ويطالبن بما هو من أبسط حقوق الإنسان: ماء، كهرباء، صحة وتعليم.

في وقتٍ تتصاعد فيه معاناة المواطنين مع اشتداد حرارة الصيف وانقطاع الكهرباء وشح المياه وانهيار الخدمات الأساسية، بدت الوقفة النسوية كصفعة في وجه صمت السلطات وعجز الحكومة. 

فالشعارات التي رفعتها النساء لم تكن مجرد كلمات غاضبة، بل كانت نبض الشارع، ووجع الأمهات، وصرخة الجوع والفقر واليأس.

طفلة في ساحة العروض في مدينة خور مكسر ترفع لافته مكتوب عليها"لا نريد صدقات.. نريد خدمات"



“نريد حياة كريمة لأولادنا”، “كفى صمتاً على معاناتنا”، “لا مستقبل بدون تعليم ولا بقاء بدون ماء"، كانت بعض من الهتافات التي ترددت في جنبات الساحة، بينما وجوه النساء تنطق بالكثير مما عجزت الكلمات عن قوله.

صورة امرأة عحوز تعبر عن الوضع الذي يعيشه سكان عدن أثناء مظاهرة في ساحة العروض في مدينة خور مكسر. عدن



عدن، التي كانت يوماً مدينة للسلام والانفتاح، أصبحت اليوم مدينة منهكة، تغرق في الظلام والعطش وسوء الخدمات، فيما المسؤولون يلتزمون صمتاً أشبه بالتواطؤ. لا خطط إنقاذ، ولا بوادر إصلاح، ولا حتى اعتراف بالأزمة.

وفي قراءة للوضع المعيشي المتدهور، يظهر جلياً أن الأزمة لم تعد فقط خدماتية، بل دخلت في عمق الحياة اليومية للمواطن، وضربت أعمدة الاستقرار النفسي والاجتماعي للعائلات. فكيف يمكن لأم أن تربي أبناءها في منزل بلا كهرباء أو ماء؟ كيف لأسرة أن تصمد في ظل غياب الرعاية الصحية وارتفاع الأسعار وانهيار العملة؟

صورة من المظاهرة النسائية في ساحة العروض مديرية خور مكسر- بعدن



صمت السلطات الشرعية تجاه هذه الوقفات الشعبية، لا يُقرأ إلا على أنه تجاهل متعمد لمعاناة الناس. فكل يوم تأخير في اتخاذ قرار أو تنفيذ إصلاح، يُترجم إلى معاناة جديدة تضاف إلى سلسلة طويلة من الأوجاع التي لم تعد تُحتمل.

ومع تكرار الاحتجاجات واتساع رقعتها، يلوح في الأفق سؤال كبير: إلى متى سيبقى الشارع صامتاً؟ وإذا كانت النساء، وهن الأكثر تضرراً من تدهور الخدمات، قد بدأن التحرك، فهل سيكون القادم تصعيداً شعبياً أكبر؟ وهل ستنتظر السلطات إلى أن تنفجر الأوضاع؟ أم أن هذه “الثورة الناعمة” قد تكون جرس إنذار أخير قبل أن يتجاوز الغضب الشعبي حدود السلمية؟

لافته معبره أثناء المظاهرة النسائية في ساحة العروض مديرية خور مكسر - بعدن



ما تشهده عدن والجنوب ليس مجرد احتجاجات عابرة، بل هو تعبير صارخ عن واقع مرير، وحالة من الانفجار الاجتماعي البطيء. وإذا لم يتم الاستماع إلى هذه الأصوات النسوية الشجاعة، فإن القادم قد لا يكون مجرد وقفة احتجاجية، بل نهوض شعبي لن يُبقي ولن يذر.