مافيا المخدرات تستهدف عدن

عدن/ محور بلس- خاص:
في عدن تتكشّف يومًا بعد يوم خيوط شبكة منظمة تُغرق المدينة في مستنقع المخدرات، بينما تقف الأجهزة الأمنية في سباق دائم مع الزمن لقطع هذا النزيف السام ما بين ضبطيات ليلية، ومداهمات مسلحة، وتحقيقات مطوّلة، تبرز تفاصيل مذهلة تُظهر حجم الخطر الذي يزحف إلى العاصمة عدن.
بداية لسلسلة الضربات
مساء الثاني والعشرين من أبريل، وبعد أسبوع من الترصد والمتابعة، أنهت وحدة مكافحة المخدرات في حي التقنية، مديرية المنصورة، عملية نوعية انتهت بالإيقاع بمروج محترف داخل شقة سكنية كانت تُستخدم كورشة لإعداد المخدرات. وُجد بداخلها أدوات تُشير إلى قدرة تجهيز تفوق الألف سيجارة مخدرة، مما يعكس حجم التوزيع المخطط له داخل الأحياء. هذه العملية، التي جاءت بتنسيق دقيق بقيادة المقدم مياس الجعدني، وصفتها القيادات الأمنية بأنها "ضربة استباقية أفشلت خطة توزيع كبرى"، حيث أُحبطت قبل أن تتسرب الجرعات إلى الشوارع.
عمليات ضبط في طوق عمران
من جانب آخر تمكنت الحملة الأمنية المشتركة بتاريخ 27 يونيو 2025م من قوات درع الوطن والعمالقة، بقيادة العميد حمدي شكري، من إحباط عملية تهريب مخدرات كبيرة في سواحل رأس العارة بمحافظة لحج. حيث تم ضبط 447 كيلوغرامًا من المواد المخدرة، تتضمن 314 كيلو من الشبو، 108 كيلو من الحشيش، و25 كيلو من الهيروين. العملية تمت على متن قارب يبعد 15 ميلًا بحريًا عن الساحل، حيث حاول المتهمون مقاومة القوات ولكن دون وقوع خسائر بشرية. تم استكمال الإجراءات القانونية، وجارٍ تسليم القضية إلى النيابة الجزائية المتخصصة.
?t=GWrbEJ_n-V3dQiIaekIzQw&s=19ضبط 447 كيلوغرامًا من المخدرات في سواحل رأس العارة .. شكرًا رجال أمننا البواسل. pic.twitter.com/gUonwpyLzl— مهيب الجحافي (@moheepaljhafi2) June 30, 2025
وفي عملية أخرى في نقطة تفتيش روتينية في رأس عمران والتي أصبحت مخنقة لتقويض عمليات التهريب المخدرات والأسلحة التي يستهدفون فيها العاصمة عدن حيث ألقت القوات الأمنية في النقطة القبض على شاحنة من نوع "هيليكس" تخفي داخل جسدها المعدني كمية ضخمة من كبسولات البريجابالين. وفق إفادة المسؤولين، كانت الحمولة في طريقها إلى الداخل العدني، في محاولة لاختراق السوق المحلي بحبوب تخديرية ذات تأثير نفسي خطير.
دار سعد... مسرح للضبطية الأضخم في 2025
في الخامس من يونيو، دوّى خبر ضبطية وُصفت بالأضخم منذ مطلع العام، وجاءت كمحصّلة لتحرّيات طويلة قادها العقيد مصلح الذرحاني. عمليًا، انتهت الحملة بالقبض على عنصرين يُشتبه بارتباطهما بشبكة توزيع واسعة الامتداد، عُثر بحوزتهما على كميات منوعة من المواد المخدرة، تجاوزت قيمتها السوقية 120 مليون ريال يمني. ما لفت الانتباه هو الأسلوب الاحترافي في التخزين، حيث استخدمت الشبكة حاويات معدلة بطريقة تقلّل من انبعاث الروائح وتُفلت من أجهزة الكشف.
أمن العاصمة عدن يطيح بأكبر شبكة لترويج المخدرات.
باب قادم من الشمال
22 يونيو، كانت نقطة "الولاد" الأمنية في محافظة الضالع على موعد تمرير عملية تهريب كبيرة من الشمال داخل شاحنة تجارية قادمة من مناطق تابعة لجماعة الحوثيين، ضبط الجنود 40 كرتونًا مملوءًا بالحشيش، تم تمويهها وسط صناديق مواد غذائية هذه الكمية الضخمة كانت في طريقها إلى العاصمة عدن، مما يسلط الضوء على الطرق البديلة التي تعتمدها شبكات التهريب لتجاوز الرقابة.
مدارس المنصورة تحت الاستهداف
في تحول لافت، كشف المقدم مياس الجعدني عن واقعة مقلقة تتعلق بتاجر وصفه بـ"الخطير"، عمل على استهداف طلاب المدارس باستخدام حيل استدراج قائمة على "البيع الرخيص"، ما جعله يتسلل إلى عقول الفئات الأصغر سنًا تحت قناع الجاذبية السعرية. هذه الاستراتيجية تُعد مؤشراً خطيراً لتبدّل نمط الترويج، من الاعتماد على الأسواق السرية إلى التسلل داخل أسوار التعليم.
161 قضية في ستة أشهر والعدد مرشح للارتفاع
في اليوم العالمي لمكافحة المخدرات، كشفت السلطات عن إحصائية صادمة: 161 قضية مخدرات خلال النصف الأول من عام 2025، واعتقال 246 شخصًا، بينهم يمنيون وآخرون بهويات مزورة. هذه الأرقام – بحسب العقيد عبدالسلام الحوشبي – تؤكد أننا أمام أزمة تتجاوز الحوادث الفردية إلى مستوى الظاهرة المنظمة.
بوابات للتهريب؟
لا تتوقف التهديدات عند الطرق البرية، بل تتوسع إلى المطار والموانئ في الثالث من يونيو، ناقش اجتماع أمني موسّع آليات حماية مطار عدن من تهريب المخدرات جاء ذلك على خلفية إحباط محاولة تمرير شحنة من الحبوب المخدرة داخل عبوات تجميل مستوردة من دول آسيوية، كانت موجهة لشركة استيراد محلية يُشتبه بارتباطها بشبكات التوزيع.
وفي الموانئ، تعمل مافيا المخدرات على استغلال القوارب الصغيرة القادمة من شواطئ المهرة وحضرموت، للرسو في مناطق نائية خارج نطاق الرصد الأمني. ووفق ما أكده الرائد خالد الزيدي، فإن الشريط الساحلي بين رأس عمران وبئر أحمد تحول إلى معبر غير شرعي للمخدرات، في ظل غياب أجهزة رصد حديثة ورادارات بحرية.
الحوثيون والمخدرات
لا تبتعد جماعة الحوثي عن هذه الشبكة المعقدة. ففي تقرير مجلس الأمن الدولي لعام 2024، تم الإشارة بوضوح إلى تورط الجماعة في تجارة المخدرات لتمويل عملياتها. ويعزّز ذلك ما كشفته إدارة مكافحة المخدرات في مارس، عن ضبط شاحنة تحمل أكثر من 646 ألف حبة بريجابالين كانت مموّهة ضمن شحنة تجارية قادمة من المهرة، يقودها سائق بأوراق مزورة. التحقيقات بيّنت أن العملية تمت بتنسيق دولي، وبتورط مباشر من مهربين مرتبطين بجماعة الحوثيين.
شباب الجنوب وقود لحرب المخدرات
خلف كل ضبطية، قصة شباب تم تجنيدهم كأداة توزيع. تحقيقات البحث الجنائي كشفت أن غالبية المروّجين الذين تم القبض عليهم تتراوح أعمارهم بين 17 إلى 25 عامًا. بينهم طالبة جامعية تولت توزيع أقراص مخدرة داخل الحرم الجامعي. تشير هذه الحالات إلى أن مروجي المخدرات لا يقتصرون على "ذوي السوابق"، بل يمتد التوظيف ليشمل فئات تعليمية وشبابية، تُستغل هشاشتهم النفسية والمعيشية في تكوين خلايا ترويج متخفية.
عدن اليوم تواجه عصابات ومنظومة منظمة إرهابية تستخدم في حربها على عدن والجنوب ادوات بشعة تستهدف لتقويض النسيج الاجتماعي والمجتمعي الى جانب العمليات الإرهابية لهذا إذا لم يتحرك الأمن الجنوبي والمجلس الانتقالي بخطة شاملة تتجاوز الحملات الأمنية إلى المعالجات الوقائية والتنموية الشاملة فأن الأمر سيؤدي إلى مالا يحمد عقباه