ارتفاع أسعار النفط مع تصاعد التوترات الجيوسياسية ومخاوف اضطراب الإمدادات

ارتفاع أسعار النفط مع تصاعد التوترات الجيوسياسية ومخاوف اضطراب الإمدادات

خاص

محور بلس

سجّلت أسعار النفط العالمية ارتفاعاً اثناء تعاملات اليوم الاثنين، لتعوض جزءاً من خسائرها التي تكبّدتها الأسبوع الماضي، وسط تزايد المخاوف من احتمال تعطل الإمدادات العالمية بفعل تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة وفنزويلا، بالتزامن مع استمرار حالة الضبابية بشأن مستقبل المعروض النفطي وتأثيرات أي اتفاق سلام محتمل بين روسيا وأوكرانيا.

وصعدت العقود الآجلة لخام برنت بنسبة 0.5% لتصل إلى 61.46 دولاراً للبرميل، فيما ارتفع خام غرب تكساس الوسيط الأميركي بنسبة مماثلة مسجلاً 57.75 دولاراً للبرميل، بعد أن فقد الخامان قرابة 4% من قيمتهما في الأسبوع الماضي.

توازن هش بين الجغرافيا السياسية وتخمة المعروض

ويرى تسويوشي أوينو، كبير الاقتصاديين في معهد أبحاث “إن إل آي”، أن أسواق النفط تمر بمرحلة توازن هش، إذ تتأرجح محادثات السلام بين روسيا وأوكرانيا بين التفاؤل والحذر، في الوقت الذي تتصاعد فيه التوترات السياسية بين واشنطن وكاراكاس، ما يعيد إلى الواجهة مخاوف حدوث اضطرابات مفاجئة في الإمدادات.

وأوضح أوينو، في تصريحات لوكالة “رويترز”، أن غياب رؤية واضحة بشأن اتجاه السوق يبقي المخاوف المتعلقة بتخمة المعروض قائمة، مرجحاً أن يتراجع سعر خام غرب تكساس الوسيط إلى ما دون 55 دولاراً للبرميل مطلع العام المقبل، ما لم تشهد الساحة الجيوسياسية تصعيداً حاداً يغيّر موازين العرض والطلب.

محادثات سلام وضربات على البنية التحتية الروسية

وعلى خط التوتر الروسي–الأوكراني، أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي استعداده للتخلي عن طموح بلاده في الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، خلال محادثات استمرت خمس ساعات مع مبعوثين أميركيين في برلين، على أن تُستأنف المفاوضات اليوم الاثنين. في المقابل، أكد المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف إحراز “تقدم كبير” دون الإفصاح عن تفاصيل إضافية.

وفي تطور ميداني لافت، أفاد الجيش الأوكراني بتنفيذ هجوم على مصفاة نفط روسية رئيسية في مدينة ياروسلافل شمال شرقي موسكو، ما أدى إلى توقفها عن الإنتاج بحسب مصادر في القطاع، الأمر الذي قد يزيد الضغوط على قطاع الطاقة الروسي.

وتشير تقديرات صادرة عن “رويترز” إلى أن إيرادات الحكومة الروسية من النفط والغاز قد تنخفض في ديسمبر المقبل بنحو 50% مقارنة بالعام الماضي، لتصل إلى 410 مليارات روبل (نحو 5.12 مليارات دولار)، نتيجة تراجع أسعار النفط وارتفاع قيمة الروبل. غير أن أي اتفاق سلام محتمل قد يفتح الباب أمام زيادة الصادرات الروسية الخاضعة حاليًا لعقوبات غربية.

فنزويلا في قلب العاصفة

وفي أميركا اللاتينية، تتجه الأنظار إلى فنزويلا، حيث تعهدت زعيمة المعارضة ماريا كورينا ماتشادو بإحداث تغيير سياسي، بعد مغادرتها البلاد سراً لتسلّم جائزة نوبل للسلام، في وقت تتفاقم فيه تداعيات احتجاز إدارة ترامب ناقلة نفط فنزويلية وفرض عقوبات جديدة على شركات الشحن المتعاملة مع كاراكاس.

ووفقاً لبيانات الشحن ومصادر بحرية، تراجعت صادرات النفط الفنزويلية بشكل حاد عقب تلك الإجراءات، ما زاد من مخاوف الأسواق بشأن تراجع الإمدادات القادمة من الدولة العضو في منظمة “أوبك”.

المعروض الأميركي تحت المجهر

وعلى صعيد المعروض الأميركي، كشفت بيانات شركة “بيكر هيوز” أن شركات الطاقة في الولايات المتحدة خفّضت عدد منصات حفر النفط والغاز العاملة للأسبوع الثاني خلال ثلاثة أسابيع، في إشارة قد تعكس حذر المنتجين الأميركيين إزاء تقلبات الأسعار وتباطؤ الطلب العالمي.

مشهد ضبابي وأسواق مترقبة

وفي ظل هذه التطورات المتشابكة، تظل أسواق النفط عالقة بين ضغوط تخمة المعروض من جهة، وتصاعد المخاطر الجيوسياسية من جهة أخرى، في مشهد ضبابي يدفع المستثمرين إلى الترقب والحذر بانتظار اتضاح ملامح المرحلة المقبلة.