كيف يغيّر الذكاء الاصطناعي طريقة استخدامنا للإنترنت؟

كيف يغيّر الذكاء الاصطناعي طريقة استخدامنا للإنترنت؟

خاص


محور بلس

يشهد عالم الإنترنت ثورة جديدة يقودها الذكاء الاصطناعي، ثورة لا تقتصر على تطوير الأدوات والتطبيقات، بل تغيّر جذرياً الطريقة التي نتفاعل بها مع المعلومات. فبعدما كان المستخدم يقضي ساعات في تصفح المواقع والبحث بين الروابط، بات اليوم يكتفي بسؤال روبوت دردشة ذكي ليحصل على إجابة فورية ومختصرة، جاهزة للاستخدام.

وداعاً لمتعة الاكتشاف؟

الصحفية التقنية أشلي غولد ترى أن هذه النقلة التقنية سلبت جزءاً من متعة الإنترنت التقليدية. تقول:

“لميعدالمستخدمونيبحثونبأنفسهمعنالمعلومات،فالذكاءالاصطناعييقدملهمالإجاباتكاملة،وهذايغيّرتجربةالتصفحكلياً.”

فبينما كان البحث سابقاً رحلة استكشاف، مليئة بالمفاجآت والاكتشافات، بات اليوم أقرب إلى “وجبة سريعة” من المعلومات، بلا تفاصيل أو عمق.

أزمة ثقة بالمصادر

رغم أن أدوات الذكاء الاصطناعي تقدّم روابط ومراجع، فإن معظم المستخدمين لا يكلفون أنفسهم عناء التحقق منها، مما يثير قلقاً متزايداً حول مصداقية المعلومات. هذه العادة الجديدة خفّضت معدلات زيارة المواقع الأصلية، ما يعني خسائر كبيرة للناشرين والصحف الإلكترونية التي تعتمد على الإعلانات والزيارات كمصدر دخل أساسي.

تهديد لنموذج الأعمال التقليدي

الناشرون الذين أمضوا سنوات في تحسين مواقعهم وفقاً لقواعد SEO وجدوا أنفسهم فجأة خارج دائرة الاهتمام. فالمستخدمون باتوا يحصلون على “الخلاصة” من الذكاء الاصطناعي، دون زيارة المقالات الأصلية.

وهذا يخلق معضلة أخطر: إذا تراجع إنتاج المحتوى البشري بسبب قلة العائدات، فإن جودة المعلومات التي يتغذى عليها الذكاء الاصطناعي نفسه ستتراجع، لتدور عجلة “تدهور المعرفة” في حلقة مفرغة.

مهارات التفكير النقدي على المحك

الأمر لا يتوقف عند الجانب الاقتصادي فقط، بل يمتد إلى التأثير على عقول المستخدمين. الاعتماد على إجابات جاهزة قد يُضعف مهارات البحث والتحليل والتفكير النقدي. تقول غولد:

“الذكاءالاصطناعييفكرنيابةعنالمستخدمين،وهذاقديؤديإلىجمهورأقلوعياً،وأكثراعتماداًعلىالمعلوماتالسريعةدونتمحيص.”

سلاح ذو حدين

رغم ذلك، لا يمكن تجاهل مزايا الذكاء الاصطناعي في تسريع الوصول إلى المعلومة، خصوصاً عند البحث عن إجابات محددة. لكن يبقى التحدي الحقيقي في كيفية استخدامه بوعي، دون أن نفقد جوهر الإنترنت: الحرية، التنوّع، ومتعة الاكتشاف.

في النهاية، الإنترنت الذي نعرفه يتغيّر… والسؤال الأهم: هل سنظل متصفحين أم سنصبح مجرّد متلقّين؟