ذاتُ الأعينُ الجميلةِ أصبحت ضحية

محور بلس/ خاص:
روان( اسم مستعار ) تبلغ من العمر 13 عاماً في طفولتِها تحديداً في الروضة كانت تعاني من التنمر بسبب ملامِحها القريبةِ للملامحِ الأسيوية _ دول شرق آسيا _ فعندما تدخل يصرخون بـ " أتت الصينية " و عندما تكتب " الصينية تكتب " " الصينية تجلس وحدها " "الصينية ذهبت "...
كانت مُجرد طفلةٍ جميلة لا ذنب لها سوى أن ملامحها قريبةٍ للملامح الأسيوية، تخطت الطفلة روان ذلك الأمر و واصلت حياتها الدراسية، كانت ملتزمة، ذكية، و هادئة.
لكن التنمرَ لم ينتهي بعد بل عاد بشكلٍ آخر؛ في الصف الخامس عندما بلغت التاسعة من عمرها، كان هناك بعض الفتيات في المدرسة يضايقنها بالتنمر، لم يكونوا من ذات الصف بل كانوا في الصف السادس أي أنهم اكبر منها، يُمسكونها بعد أن تخرج من الصف و تبدأ كلٌ مِنهم بإطلاقِ نكاتٍ تنمريةٍ عليها، يسخرون من ملامحِها ، و لأنها فتاةٌ هادئة ضنوا أنها الفريسةُ المناسبةُ لتنمُراتِهم المُتواصلة، يسخرون منها طوال الوقت.. و عندما يمرون بجانبها يقومون بتصرفاتٍ مثل ضربِ كتفِها كمزحةٍ مُبالغة أو أخذِ مصروفِها المدرسي ، حاولت روان التحدث مع معلماتِها عن الأمر فكانت إحدى الفتيات تهرعُ بالبُكاء كما لو أنها الضحية، لذا كانت المُعلماتُ لا يأخذن الأمر على محملِ الجِد بل كانوا يُجيبونها بذات الإجابة: " لا بأس أنتم أطفال، تصالحوا فحسب "
و في يومٍ ما قُرابة الساعةِ 12 ظهراً ، أتت الفتيات الأربع ( مروى ، أمل ، هدى، ساره )_اسماء مستعارة _ أمسكوا بروان، و دون سابِق إنذار قاموا بضربها معاً ، وجدت روان نفسها وسط أربعِ فتياتٍ أكبرَ منها يضربونها و يشدون شعرها، حاولت الهربَ منهم دونَ جدوى لذا قررت الدفاعَ عن نفسها فقامت بعض يدِ إحداهم التي هي (ساره) ثم هربت، لكن و في ذلك الوقت استخدمت الفتيات ذلك كدليلٍ ضدها _ عضة اليد _ و ذهبوا إلى مديرة المدرسة، كانت ساره تبكي و صديقاتُها أمل، هدى، و مروى يشهدنَّ معها، بينما تقفُ روان مُندهشةً و خائفةً على زاويةِ المكتب، يداها باردتانِ و ترتجفُ بينما المُديرةُ تصرخ و تقول أنهُ يجب استدعاء ولي أمرها، ساره التي بدأت سابقاً بضربِ روان تبكي أمام المديرة مدعيةً أنها الضحية، و كذا صديقاتُها الآتي شاركن في الضرب يرفعن أصابعَ الإتهامِ إلى روان التي تصغرهم عمراً!
تقول روان: " كُنت خائفة من أن تستدعي المديرة والدي للمدرسة، فوالدي عصبي جداً و قد يضربُني حتى الموت " و هنا بدأت روان بالتوسُلِ للمُديرة بألا تتصل بوالدِها و ستفعل أي شيء، عندها طلبت منها أن تعتذرَ من ساره و أن تكتبَ تعهداً على الورقةِ بألا تعيد ذلك الأمر أو تزعج أحداً.
كانت روان تشعر بالظلم، و أرادت أن ينصفها أحدهم لكن المديرة و المعلمات جميعاً لم ينظروا لذلك الأمر بجدية، بل كانوا ينظرون إليه على أنهُ مُجردُ شِجارٍ صغيرٍ بين الأطفال، لكن روان أرادت أن توقفهم بأي طريقة فذهبت في فترة الإمتحانات إلى صفهم و سألت زميلاتِهم إن كانوا يملكون رقمَ أحدٍ من عائلاتِ تلك الفتيات، إلى أن وجدت رقم والدت ( أمل ) و اتصلت بها لتشكوا من تنمراتِ ابنتها و تصرُفاتِها، فأتت والدة أمل إلى المدرسة في آخر يومٍ دراسي لتبحث عن روان، أمسكت بابنتها و أجبرتها على الإعتذارِ من روان و اعتذرت والدت أمل بدورِها من روان بل و طلبت منها المُسامحة ، تقولُ روان: " شعرت بالسعادة لأنهُ تم إنصافي للمرةِ الأولى منذ دخولي للمدرسة، كنت سعيدة لدرجةِ أنني قمت بتصرفاتِ الفتاةِ المدللةِ في ذلك الموقف ".
كانت روان خائفة من أن تأتي السنةُ الدراسيةُ التالية و أن تهاجمها أمل بسبب ذلك، لكن يبدو أنها ذهبت لمدرسةٍ أخرى و لم تأتي لتلك المدرسةِ مُجدداً.
لكن الفتيات الأخريات لم يتوقفن حتى بعد أن بلغت روان الحادية عشرةَ من عمرها _ في الصفِ السابع _ ارتدت الحجاب، فكانت الفتيات يتنمرنَ بسبب ذلك أيضاً، كما لو أنهم يبحثونَ عن أيِّ جديدِ فيها ليكونَ نُكتتهم التالية، أما عن بقية الطالباتِ في صفها لم تكن أيٌ منهُنّ تقفُ بجانِبِها، بالنسبةِ للمعلمات فقد فقدت الأمل في أن يقوموا بإنصافهِا.
بعد مغادرة أمل للمدرسة؛ توقفت هُدى عن التنمر لكن استمرت مروى و ساره بالتنمر على روان لحجابِها و عيناها بل على كُلِ شيءٍ في حياتِها،حتى أنهم كانوا على ذات الباصِ المدرسي، و لا يتوقفنَّ عن السخريةٍ من روان طوال الطريق.
يستمرون بالضحك و يضحكُ الجميع، ثم تقفُ روان بمُفردِها مُجدداً بصمتٍ على زاويةٍ مليئةٍ بمشاعِرها المُهملة.
بعد أن بلغت روان سن 12 قررت أن تُدافع عن نفسها بعد أن فقدت الأملَ بمن حولها، فعندما يتنمرنَّ تردُ لهم ذات الكلامِ و ذات التصرف، فإن صرخت إحداهم في وجهِها صرخت بدورها عليهم، لم يتوقفن عن تصرُفاتِهِنّ تماماً لكن الأمرَ أصبح أقل من السابق.
ما يجهلهُ الأطفالُ المُتنمرونَ هو أن الجميع سيضحك عليهم إن كانوا بتلك الزاوية_ضحية التنمُر _ فلا يقتصرُ الأمرُ على القدرةِ لإضحاكِ الأخرين بل بإمتلاكِ الأخلاقِ أو فِقدانِها، و هذا الأمرُ الذي يعودُ أولاً بالتربيةِ الأخلاقيةِ داخلَ المنزل، فبعضُ العائلاتِ تُثرثرُ بالسُخريةِ من الأخرين فيتعلمُ الأطفالُ مِنهم، بينما آخرون يرمونَ أطفالهم دون تعليمِهم فيميلُ الأطفالُ لفعلِ ما يفعلهُ أصدقائُهم.
كما أن للمدرسةِ دوراً لا يقلُ أهميةً عن العائلة لأنها تبدأ بـ ( مدرسة.... للتربيةِ و التعليم ) فالتربيةُ تأتي قبل التعليم، فإن تجاهلت إدارةُ المدرسةِ ذلك الأمر؛ فلن تُصبحَ مدرسةً بل معهد تعليمٍ مُستقل.