تفوقت، اجتهدت، ضحيت، ومع ذلك حُرمت.. فقط لأنني لم أملك واسطة!".. كلمات طالب يشكو حرمانه من المنح (التفاصيل مؤلمة)

تفوقت، اجتهدت، ضحيت، ومع ذلك حُرمت.. فقط لأنني لم أملك واسطة!".. كلمات طالب يشكو حرمانه من المنح (التفاصيل مؤلمة)

محور بلس - محمد وليد السبعي

القصة كاملة يرويها الطالب محمد وليد السبعي:

أنا طالب #أزرقي جبت 98.25 في الثانوية العامة، ومع ذلك حُرمت من المنح بسبب الوساطات والعنصرية .. هذي قصتي كاملة????

بسم الله الرحمن الرحيم ع طاري المنح التي أثارت جدلاً واسعاً في مواقع التواصل الفترة الأخيرة.. خلوني أخبركم عن قصتي وواقعي الذي ظللت لسنوات عدة أخفيه لأسباب كثيرة، لعل أولها الحياء من أن أشارك شيء عانيت منه، وثانياً لا أحب الظهور مهما كان الأمر يؤلمني، فأنا أفضل السكوت على الألم.. لكن دام الحديث عن المنح والعنصرية في توزيعها عامل ضجة، فاظن إن هذه إشارة من الله لي أن أخرج ما بقلبي من وجع تجاه حلمي الذي أضاعوه لصوص منح التعليم العالي.

بداية، أنا الطالب #محمدوليدالسبعي من أبناء محافظة الضالع م/#الأزارق، خريج ثانوية عامة بمعدل تراكمي ممتاز جداً بنسبة 98.25 في العام الدراسي 2021/2020. مثلي مثل غيري من أبناء هذه البلاد التي نهشها المتنفذون على حقوق غيرهم وكأننا تحت حكم الوصاية.. أنا شاب أزرقي نشيط ومثابر كغيري من الشباب، كانت لدي أحلام وطموحات أسعى من أجلها رغم ظروف أهلي القاسية، ورغم ظروف منطقتي الفقيرة بالذات، لكن كل ذلك لم يمنعني من أن أحلم بمستقبل حافل بالعلم طالما وأنني طالب ذكي.

أتذكر في أيام الثانوية العامة حين كان أبي دائماً يشجعني ويزرع في مخيلتي اسم منحة دراسية في الخارج ابتعث فيها لكي أكمل دراستي الجامعية بعد أن أتخرج من الثانوية العامة، كان يخبرني كثيراً أن اجتهد في الثانوية وأن أبذل قصارى جهدي كي أحظى بمنحة دراسية. فاصبحت مؤمناً بكلام والدي حفظه الله، وسعيت سعي الأسود في البراري كي أحقق حلم أبي واجتهدت لكي أحصد العلا، حتى تخرجت من الثانوية العامة واستلمت شهادة ثالث ثانوي وبمعدل عام 98.25. حقاً حينها شعرت بالفخر أنني أخيراً قد أوشكت أن أصل للحلم المنشود، ولكن أنتم تعلمون ماذا يجري في بلادنا، إذا لم تتابع وتطلع وتنزل وتخسر ما فوقك وما تحتك عشان تحصل على منحة فما راح تحصل على شيء منهم.

المهم، تكلمنا أنا وأبي بخصوص السعي الآن والمتابعة على المنحة من قبلي ومن قبله وكل واحد قدر استطاعته في التواصل مع أهل الاختصاص بالمنح، وعلى رغم المعارضة الشديدة من قبل بعض الأقارب، حيث كانت نصائحهم لي "ليش أكذب على نفسي وأخسر أهلي فلوس بالمتابعة وبالأخير ما بيعطوني اي #منحة لأن كل #المنح وساطة ولأننا من الأزارق لذا ما بيعطونا شيء". هذه الكلمات كانت تزرع بداخلي اليأس لكنها لم تقف كحاجز أمام هدفي.

المهم، كانت أسوأ فترة عشتها بحياتي هي بعد التخرج من الثانوية، فقد كان جميع الشباب والطلاب من دفعتي وأبناء مديريتي يجتهدون ويعدون لامتحان القبول في كلية الطب جامعة عدن، بينما أنا مشغول بمتابعة المنح بكل مكان، حتى أنني لاقيت توبيخاً كبيراً من قبل أقاربي، حتى أحسست بالذنب والتقصير، فاجبرت أن أنزل إلى عدن كي ألتحق بدورات تأهيل امتحان القبول قبل موعد الامتحان بشهر تقريباً. نزلت وأنا مكره وغير راضي، ولكن أحدهم في تلك الفترة دلني على منحة Englesh After School Program"EASP" التي تقدمها #وزارة_الخارجية_الأمريكية عبر منظمة ومعهد #أمديست لطلاب اليمن، دلني عليها كوني مهتم كثيرا بالمنح ، فزرعت فكرة براسي انني إذا حصلت على هذه المنحة فسوف تنفعني في تأهيل نفسي باللغة الانجليزية إذا سافرت الخارج، ولكنه للأسف سرعان ما أحبطني في الأخير وقال لي "مستحيل تنقبل في هذه المنحة لأن معايير القبول صعبة جداً فيها". المهم تناسيت كلامه وجلست أفكر بهذه المنحة التي تقدمها السفارة الأمريكية ودخلت في راسي ووجداني كثير.

المهم، وانا جالس في عدن أدرس دورة تأهيل القبول وأنا غير راغب فيها أبداً، ظليت أتقمص عن أخبار هذه المنحة وأسأل هذا وذاك دون يأس، ولكن للأسف كل شخص أسأله يجعلني أقف يائساً "أنه مستحيل أنقبل فيها". المهم، قربت تخلص مدة الشهر وصار امتحان القبول على الأبواب، وانا لم أكن جاهزاً بتاتاً فقد أشغلت نفسي بمتابعة المنح، وحتى قبل أسبوع من امتحان القبول وبعد تسجيلي في امتحان القبول، كأن الله سبحانه أراد لي أن لا أحضر الامتحان أبداً. فجأة وبدون نقدمات بعد صلاة العصر وأنا داخل دورة اللغة الإنجليزية مع دكتورها وبين الطلاب، أحسست بتعب وإرهاق فضيع، والله أنني تمنيت أن الدكتور يخلص سريع عشان نخرج واشوف ايش حصل لي، ولكن فجأة أحسست جسمي كأن أحد يطعني بسكين من الألم، وما عدت أقدر حتى أرفع رأسي من على الطاولة. بالكاد خلص الدكتور وخرجنا من المعهد، وخليت أحد الزملاء يأخذني للصيدلية أشتري دواء. المهم، حفظكم الله، مرضت بعدها مرض خلاني طريح الفراش حوالي 15 يوماً حتى كدت أُهلك، ومر عليا امتحان القبول، ولله الحمد.

المهم، بعدها سمعت خبر أن المنحة الأمريكية في معهد "أميديست" فتحت أبوابها، أنا سرعان ما نزلت استمارتهم وعبيتها بالشكل المضبوط وقدمت فيها، وامتحنت وتم قبولنا من قبل السفارة الأمريكية وانقبلت أنا و200 طالب وطالبة من بين 3000 طالب تقدموا للمنحة ودرسنا في معهد "أميديست". وفي ذلك الوقت كنت أدرس وأترقب أي خبر يخص منح التعليم العالي. حتى جاء خبر من #التعليم_العالي أنهم فتحوا منح التبادل الثقافي في دولة الجزائر،وأنا سرعان ما جهزت وثائقي ومتطلبات المنحة، وكلي ثقة أني سأحصل على منحة لأن معدلي قوي جداً ولأن أملي بالله كبير. رحت في أول يوم إلى مكتب التعليم العالي لكي أقدم وثائقي، ولكنهم أخبروني أن التقديم أونلاين، فعدت وانتظرت حتى المساء وقدمت وثائقي وكل ما تطلب مني، وأخبرت أبي أني قدمت في النت. المهم، تكلمنا أنا وأبي، لكنه أخبرني أن كثير من الناس كلموه عن المنح أنها تحتاج وساطة وناس معروفين وكذا. المهم، قلت له "يا أبه، هيه أرزاق ويمكن ربي كاتب لي الخير بدون وساطة"، وكنت معارض أن أدوّر وساطة بفلوس. المهم، أقنعني أنه صعب ومستحيل، وأنه قد كلم شخص يذهب معي لعند الوزير بمكتب التعليم العالي وربما ينفعني. المهم، أنا اقتنعت ورحت مع هذا الشخص في صباح اليوم الثاني وسلمنا لهم ملفي مرة ثانية.

وكلمني الشخص الذي في المكتب، الذي لم أعرف من هو، وما هي صفته حين استلم ملفي جاء وكلمني ومسح على رأسي وقال: "الله يوفقك يا بني، باذن الله المقعد لك". المهم، خرجنا من عنده أنا وهذا الشخص الذي كان بمثابة وسيط من قبل والدي، وجلس يكلمني بالطريق ويمدح في هذا الرجل وأنه قد ينفعني. المهم، وقتها كنت مش مطمئن وقلت له أني لا أريد وساطة وأنني سأحصل على المقعد بمجهودي دون وساطة، وهو يلمح لي أنه يجب أن نضخ له فلوس قدر الإمكان لكي ينجحني، ومدري ايش المهم، أنا كنت متحمس ومجهز لامتحان المفاضلة للمنحة وأنتظر بفارق الصبر عشان أذهب للامتحان. مرت الأيام وفجأة الاقيهم أعلنوا النتائج للمقبولين دون أن يتواصلوا معنا، وبدون أن أختبر، أنا تفاجأت واتصلت بهذا الشخص الذي كان وسيطاً معي وقلت له: ايش حصل؟ متى امتحنوا الجماعة؟ وليش ما استدعوني ولا طلبوني اجي امتحن ؟" قال: "لحظة، بتصل بالرجال ذاك واتاكد لك "، قلت له: "طيب، ورجع لي خبر". المهم، قالوا "بكرة ضروري تذهب للمكتب"، المهم بكرت الصباح ورحت لهم واتفاجأت بكلامهم وقولهم إنهم خلاص بيحولونني من طب إلى صيدلة في في الجزائر نفسها لا امتحان ولا هم يحزنون اصلا مافيش امتحان حصل ابدا، قلت: "طيب، على طول، لكن أريد أن تعلنوا اسمي ضمن المقبولين"، قالوا: "خلاص، تابع الصفحة وبتحصل اسمك". المهم، مشيت وفي الطريق يقول لي صاحبنا الوسيط: "خلاص، ما دلحين، افتهنت قدامك، الجماعة يشتوا مند فلوس وهم بيقبلونك، خلّ أبوك يضخ لهم". قلت له: "والله يا فلان، ان ظروفنا صعبة جدا وما أشتي أن أكلف على والدي ولو ريال واحد، إذا حصلت مقعد مجاني فهو حقي وانا استحقه ، وإذا ما حصلت، فحسبي الله فيهم ونعم الوكيل.. بواصل دراستي في منحة السفارة الأمريكية لتعلم اللغة الإنجليزية والسنة الثانية بمتحن في جامعة عدن". وطز فيهم المهم فجأة، أبي اتصل لي وقال: "أنا قد تسلفت مبلغ مالي وبكرة انت سوقه للمكتب حقهم"، المهم، أنا رفضت وقلت له: "يا أبه، والله ما أرضى، أنا لا أريد منحة تُشترى بالفلوس، وهذا المقعد حقي اما اخذه مجاناً، ولا خلاص، ما أريدها منحة، كرهت أمها المنح إذا كان كذا يعاملونا".

المهم، مرت يومين وتواصلت معهم هل عادهم قبلوني صيدلة في الجزائر او لا ، فجاء الرد: "للأسف، أخروا اسمي حتى تجي منح الأردن"، قلت حسبي الله ونعم الزكيل وصبر وانتظرت حتى جاءت منح الأردن ولكن حصل معي نفس الكلام ونفس الموقف، ووصلني خبر عن طريق هذا الشخص الذي كان وسيط معي أنهم باعوا حقي المقعد بمبلغ مالي كبير. أنا لن أقدر على دفعه نهائياً. حينها، أنا خلاص تحطمت ويئست وكرهت حتى الدراسة. فبالله عليكم، كيف يكون شعورنا نحن الذين خذلتنا الحياة وخذلنا القريب قبل البعيد، وحرمونا مقاعدنا وحرمونا مستحقاتنا؟

وخلال كل هذه الفترات، التي كل يوم نعاني فيها، فضلنا الصمت عن الحديث رغم الكم الهائل من المنشورات الاستفزازية لبعض الأشخاص الذين حصدوا المقاعد الدراسية بمسمى الوساطة أو استغلال مكانتهم بالكتابة عن أنفسهم فاضطرت الجهات المعنية على إسكاتهم وإعطاءهم ما يريدون. لكن أنا كشخص بسيط من أبناء مديرية تحت الظل، مظلومة من كل النواحي، من الذي سينصفني؟ هل سأجد أحداً الآن يقف معي كابن لمديرية الشهداء #مديرية_الأزارق ويتضامن معي ويوصل هذه المعاناة التي عانيتها إلى الجهات المعنية، لعل وعسى ينصفوننا و يعطوننا ولو جزءاً بسيطاً مما حرمونا منه؟

أتمنى من الجميع مشاركة قصتي هذه، وجعل قصتي هذه حديث كل فاسد كان سبباً في حرمان أناس استحقوا حياة كريمة على قدر الجهود والأحلام التي كانوا يتمنون أن يبنوا بها مستقبلهم.

#سأخبر الله بكل شيء، سأخبر الله بكل معاني الفساد التي عندها توقفت أحلامنا التي باتت سراباً.

وحسبي الله ونعم الوكيل.

#محمدوليدالسبعي