بعد عشر سنوات من التحرير.. الجنوب يغرق بالأزمات

بعد عشر سنوات من التحرير.. الجنوب يغرق بالأزمات

محور بلس/ كتابات

مرّت عشر سنوات على تحرير محافظات الجنوب من قبضة مليشيا الحوثي الإرهابية، لكن آمال المواطنين في بناء مستقبل أفضل ما زالت معلقة بين سماء الوعود وأرض الواقع المرير. فبينما كان الجنوبيون يظنون أن النصر العسكري سيمهّد الطريق لحياة كريمة ونظام مستقر، أفاقوا على كابوس الأزمات المتلاحقة، وواقع خدمي واقتصادي يزداد تدهورًا يوماً بعد يوم.


وعود بلا تنفيذ


لم تكن السنوات التي تلت التحرير سوى سلسلة من خيبات الأمل، إذ فشلت الحكومات المتعاقبة، وقوى الشرعية بكل أطيافها، في انتشال الوضع من مستنقع الانهيار. تتقاطع المصالح السياسية وتتصادم الأطراف المتنازعة، بينما يضيع المواطن في دوامة انقطاعات الكهرباء، وندرة المياه، وارتفاع الأسعار، وتدهور العملة المحلية، وغياب الحد الأدنى من الخدمات الصحية والتعليمية.


صراعات لا تنتهي


يُجمع المراقبون أن تقاطع المصالح بين القوى السياسية في الجنوب، بما في ذلك المكونات المنضوية تحت مظلة الشرعية، ساهم في تعميق الأزمة. فبدلاً من التفرغ لإعادة الإعمار وتحسين البنية التحتية وتفعيل مؤسسات الدولة، انشغلت النخب في معارك النفوذ، وتوزيع المناصب، وتغذية الخلافات المناطقية، تاركين المواطن يواجه مصيره وحيداً.


المواطن يدفع الثمن

يدفع المواطن الجنوبي اليوم فاتورة باهظة لمرحلة ما بعد التحرير. البطالة تنهش أحلام الشباب، والفقر يمتد إلى كل بيت، والهجرة الداخلية تتزايد مع تفاقم الوضع الأمني والخدمي. المدارس متهالكة، والمستشفيات تفتقر لأبسط المستلزمات، والطرقات غير مؤهلة، فيما تستمر الحكومات في إصدار التصريحات دون أن تلمس الناس شيئاً على أرض الواقع.

أين المخرج؟

في ظل هذا المشهد القاتم، تتزايد دعوات المواطنين لإصلاح شامل ينطلق من الداخل، يتجاوز الحسابات الضيقة، ويضع المصلحة العامة فوق كل اعتبار. لا يمكن لأي قوة أن تحظى بثقة الشارع إذا استمرت في تجاهل معاناته أو استخدامها كورقة ضغط في بازار السياسة.

إن مرور عشر سنوات على التحرير ليس مناسبة للاحتفال، بل لحظة مراجعة صادقة. فالجنوب الذي حرر أرضه بسواعد رجاله، يستحق اليوم أن يتحرر من الفساد، ومن الفوضى، ومن الاستغلال السياسي. والرهان الحقيقي ليس على الشعارات، بل على الأفعال التي تنقذ المواطن من غرقٍ طال أمده.