البخور العدني… عبق التاريخ ورائحة المكان

خاص
محور بلس
يمثل البخور العدني واحداً من أبرز الموروثات التي حافظت على حضورها في البيوت والأسواق العدنية، ليس فقط كعادة اجتماعية متوارثة، بل كرمز ثقافي عميق ارتبط بالهوية والحياة اليومية لأبناء عدن.
تتسلل رائحته العطرة إلى الأزقة القديمة والأسواق الشعبية، لتعلن عن تاريخ طويل من الامتزاج بين التجارة والثقافة. فعدن، بمينائها العريق وموقعها الاستراتيجي، كانت ولا تزال نقطة التقاء للقوافل التجارية التي حملت أجود أنواع العطور والبهارات والبخور من الشرق والغرب. ومن هنا نشأت خلطة خاصة ميزت البخور العدني عن غيره، حيث تمتزج فيه مكونات محلية من العود والعنبر واللبان مع إضافات عطرية متوارثة عبر الأجيال.
لا يقتصر حضور البخور العدني على المناسبات الدينية والاجتماعية، بل يعد عنصراً أساسياً في تفاصيل الحياة اليومية، إذ يُستخدم لتعطير المنازل، ولإضفاء أجواء روحانية في الجلسات، كما أنه يقدم هدية قيّمة تعبر عن الود والاحترام.
النساء في عدن يبرعن في صناعة البخور بحرفية عالية، فكل عائلة تقريباً تمتلك وصفتها الخاصة، التي تتناقلها الأمهات والجدات، مما يمنح البخور العدني طابعاً شخصياً مميزاً، ويجعل منه فناً منزلياً يعكس الذوق والهوية.
اليوم، ورغم تغير أنماط الحياة ودخول المنتجات العصرية، ما يزال البخور العدني يحتفظ بمكانته المرموقة، ويشكل جسراً بين الماضي والحاضر، ليبقى رائحته العطرة بمثابة ذاكرة حية تختزن عبق المكان ودفء الروح.