عدن… مدينة تُروى بالنكهات

عدن… مدينة تُروى بالنكهات

خاص

محور بلس

عندما تزور عدن، لن تأسر قلبك شواطئها فقط، بل ستأسرك نكهاتها وروائحها التي تعبق في الأزقّة القديمة والأسواق الشعبية. فهذه المدينة التي كانت يوماً ميناءً عالمياً، لم تستورد البضائع فحسب، بل استوردت معها ثقافات الطهي والتوابل، ودمجتها بروح المكان لتولد نكهات فريدة لا تجدها في أي مكان آخر.

أول ما يلفت انتباهك هو البهار العدني.

هذا المزيج السحري الذي يجمع الهيل والقرنفل والفلفل الأسود والكركم والكمون وأحياناً القرفة، يُحضّر بعناية ووراثة أجيال، ليكون أساس كل طبق تقريباً. في مطبخ عدني تقليدي، لا يُمكن أن تخلو رفوف المطبخ من عبوات البهار المطحون حديثاً، فهو سر الزربيان الشهي، ونكهة السمك المميز، وحتى طعم الشاي العدني الذي لا يشبه أي شاي آخر.

ثم يأتي طبق “الزربيان العدني” ليتصدر المشهد.

طبق يجمع بين أرز البسمتي الفاخر وقطع اللحم أو الدجاج، والبطاطس المقلية، مع صلصة الزبادي والبهارات الخاصة. طعمه غني، دافئ، وفيه لمسة هندية وأخرى عربية، وكأنك تتذوّق حكاية مدينة كانت ملتقى للتجار من الشرق والغرب. وفي كل حي من أحياء عدن ستجد مطعماً صغيراً يتفنّن في صنعه، ولكل مطعم سرّه الخاص في البهارات وطريقة التقديم.

أما إذا أردت شيئاً أخفّ، فلا تفوّت تجربة “الشاهي العدني”.

شاي بالحليب، يُغلى على نار هادئة مع رشة هيل وقرنفل، ليمنحك دفئاً لا يُشبه دفء أي مشروب آخر. يُقدَّم غالباً مع الخمير الحضرمي، أو خبز الطاوة الساخن، في جلسة بسيطة لكنها تحمل في طياتها روح عدن وطيبة أهلها.

ولا ننسى الأسماك الطازجة التي يشتهر بها الساحل العدني. من “الصيادية” الممزوجة بالأرز والسمك والبهارات، إلى “المعصوبة” و”المطبق” الذي يعكس تأثر المطبخ العدني بالمأكولات اليمنية والخليجية والهندية معاً.

كل رائحة في عدن هي حكاية… حكاية مدينة عاشت على البحر، وفتحت قلبها لكل ثقافة زارتها، فصنعت من ذلك مزيجاً فريداً من النكهات التي تعكس تاريخها وروحها.

فإن زرت عدن يوماً، لا تكتفِ بمشاهدة جمالها، بل ذُق طعامها… لأنك حينها فقط ستفهم سر سحرها.