الاكتئاب… مرض صامت يحتاج إلى فهم وعلاج لا إلى تجاهل
خاص
محور بلس
لم يعد الاكتئاب مجرد شعور عابر بالحزن أو الإحباط، بل أصبح أحد أكثر الأمراض النفسية شيوعاً في العالم، يؤثر على طريقة التفكير والشعور والسلوك، وقد يغيّر مسار الحياة بأكملها إن تُرك دون علاج.
يقول الأطباء إن الاكتئاب يُعدّ مشكلة صحية حقيقية، مثله مثل أي مرض عضوي آخر، ويحتاج إلى رعاية خاصة وفهم عميق لجميع جوانبه. فقد تستمر نوبات الاكتئاب لأسبوعين أو أكثر، وقد تتطور لتجعل الفرد غير قادر على ممارسة أنشطته اليومية بشكل طبيعي.
ما هو الاكتئاب؟
يُعرَّف الاكتئاب بأنه فترة مستمرة من الحزن وفقدان الاهتمام بالأشياء التي كانت تجلب السعادة سابقاً، مصحوبة بأعراض جسدية ونفسية تعيق الشخص عن أداء مهامه اليومية. وهو ليس ضعفاً في الشخصية أو علامة سلبية، بل حالة مرضية تستوجب العلاج.
أعراضه النفسية والجسدية
تبدأ الأعراض عادة بالشعور بالحزن العميق، وانعدام الحافز، واللامبالاة تجاه كل ما حول المريض، مع شعور دائم بالذنب أو فقدان الأمل، وقد تصل الحالة إلى التفكير في الموت أو الانتحار.
أما جسدياً، فيعاني المريض من التعب المستمر، اضطرابات النوم (سواء الأرق أو النوم المفرط)، وآلام متفرقة في الرأس والعضلات والمعدة لا تستجيب للعلاج الدوائي بسهولة.
تغيّر الشهية والحياة اليومية
تعدّ تغيرات الشهية والوزن من أبرز العلامات المرافقة للاكتئاب، فبينما يفقد البعض شهيتهم كلياً، يميل آخرون إلى الإفراط في تناول الطعام.
هذه التغيرات تؤثر بدورها على الحياة اليومية والعلاقات الاجتماعية، حيث يفقد المريض القدرة على التركيز واتخاذ القرار، وقد ينسحب تماماً من الأنشطة التي كان يستمتع بها سابقاً.
من الأكثر عرضة؟
تشير الدراسات إلى أن النساء أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب بمقدار الضعف مقارنة بالرجال، كما تزداد احتمالية الإصابة لدى من لديهم تاريخ عائلي للمرض.
وقد يُصاب الأطفال والمراهقون أيضاً، لكن أعراضهم قد تظهر في شكل غضب أو سلوك عدواني بدلاً من الحزن الصامت.
أنواع الاكتئاب
من أبرز أنواعه:
• الاكتئاب الموسمي: يظهر عادة في فصل الشتاء مع قلة التعرض لأشعة الشمس.
• اكتئاب ما بعد الولادة: يصيب نحو 12% من الأمهات الجدد.
• الاكتئاب المزمن: يستمر لفترات طويلة ويحتاج إلى متابعة طبية دائمة.
كيف يتم التشخيص؟
لا يوجد تحليل دم أو فحص مخبري يحدد الإصابة بالاكتئاب، لذلك يعتمد التشخيص على مقابلة الطبيب للمريض، والاستماع لتفاصيل الأعراض والسلوكيات اليومية، وتقييم مدى تأثيرها على الحياة العامة.
طرق العلاج
يتنوع العلاج بين:
• العلاج النفسي (العلاج بالكلام)، الذي يساعد في فهم أسباب المرض وتغيير الأفكار السلبية.
• الأدوية المضادة للاكتئاب، التي تعمل على توازن المواد الكيميائية في الدماغ.
• العلاج بالضوء، خصوصاً للاكتئاب الموسمي.
• التمارين الرياضية المنتظمة، التي ترفع مستويات هرمون السعادة “الإندورفين”.
• الدعم الاجتماعي، سواء من العائلة أو مجموعات الدعم عبر الإنترنت.
في الحالات الشديدة التي لا تستجيب للعلاج الدوائي، قد يُلجأ إلى العلاج بالصدمات الكهربائية أو الإثارة المغناطيسية للدماغ تحت إشراف طبي متخصص.
الأمل موجود
رغم قسوة الاكتئاب، يؤكد الأطباء أن أكثر من 80% من المرضى يتعافون تماماً عند تلقي العلاج المناسب، سواء بالأدوية أو بالعلاج النفسي أو مزيج بينهما.
الرسالة الأهم: لا تتجاهل الأعراض، ولا تخف من طلب المساعدة. فالاكتئاب ليس ضعفاً… بل مرض يمكن الشفاء منه.




