ثورة الرابع عشر من أكتوبر.. ملحمة الحرية في جنوب اليمن 

ثورة الرابع عشر من أكتوبر.. ملحمة الحرية في جنوب اليمن 

كتب/ د. منى الخدشي :

     في كل عامٍ، يطلّ الرابع عشر من أكتوبر على الجنوب كفجرٍ جديدٍ يعيد إلى الذاكرة عبقَ النضال ومجدَ الحرية، لا كحدثٍ مضى عليه الزمن، بل كحكايةٍ خالدةٍ تسكن الوجدان وتُلهب القلوب بالعزيمة والإصرار. إنها الثورة التي غيّرت مجرى التاريخ، وكتبت بأحرفٍ من نورٍ ميلادَ الجنوب الحرّ، وأعلنت أن الشعوب لا تُقهر متى ما آمنت بحقها في الحياة والكرامة والسيادة.

     لقد كانت ثورة أكتوبر المجيدة صرخةَ حقٍّ في وجهِ الاستعمار، انطلقت من جبال ردفان، وتحوّلت إلى نارٍ تضيء الدروب، ووهجٍ يبعث الأمل في قلوب كل الأحرار. واليوم، وبعد عقودٍ من تلك الشرارة الأولى، يواصل أبناء الجنوب السير على ذات النهج، مؤمنين بأنّ طريق الكرامة لا يُعبد إلا بالتضحيات، وأن راية الجنوب لن تسقط ما دام في هذا الشعب نفسٌ ينبض بالإيمان بوطنه، ومن سواحل المهرة شرقاً إلى باب المندب غرباً، تتجلى ملامح أكتوبر في كل أرضٍ وبيتٍ وميدان، في صمود الرجال وثبات الأبطال، وفي قلوبٍ ما زالت تنبض بالإصرار على النصر والحرية.

     وفي ظلّ التحديات الراهنة، يثبت الجنوب أنه ما زال وفياً لروح أكتوبر، متمسكاً بمبادئه وأهدافه، ساعياً نحو بناء دولته العادلة التي تُصان فيها الحقوق وتُحترم فيها الإرادة. وبقيادتها الحكيمة سيمضي الجنوب بخطى واثقة نحو المستقبل، متسلحاً بالإرادة والوحدة والوعي الوطني، ليصنع واقعاً جديداً يليق بتضحيات الشهداء وبنضال الأجيال.

     إنّ الجنوب اليوم لا يقف على أطلال الماضي، بل يستمدّ من تاريخه المجيد عزيمته لمواصلة الكفاح من أجل الاستقلال الحقيقي وبناء دولة الجنوب الفيدرالية الحديثة، دولة النظام والقانون، التي تكون ركيزة للأمن والاستقرار في الإقليم والمنطقة.

     وفي ذكرى هذه الثورة العظيمة، يُجدّد أبناء الجنوب عهدهم لوطنهم ولقائدهم عيدروس قاسم الزبيدي، مؤكدين أن شمس الحرية ستشرق من جديد على تراب الجنوب الطاهر، وأنّ لا قوة في هذا العالم تستطيع أن تطفئ شعلة أكتوبر أو تُثني هذا الشعب العظيم عن تحقيق حلمه في دولةٍ حرةٍ آمنةٍ، شامخةٍ بين الأمم، تسير بخطى ثابتة نحو غدٍ يليق بمجدها وتاريخها.