ها انا السبعي هنا يا يوليو أقف على أطلال وطنٍ اسمه الجنوب

#يوليو

يا يوليو... لا تأتي إلينا بهذا الوجه من جديد

يا شهر النكبة المزخرف بشعارات النصر،

يا ذكرى الغزاة الذين جاؤوا من الشمال على ظهور الدبابات،

ثم تركونا أسرى في يد أبناء جلدتنا...!

ها انا السبعي هنا يا يوليو ، أقف على أطلال وطنٍ اسمه الجنوب، 

أفتش فيك عن ظلّ دولة فلا أجد إلا أوهاماً ممزقة من وعود.

أبحث عن حكومة فلا أجد سوى عصابة

تلبس البزة الرسمية وتتعطر بالكذب السياسيّ الفاخر.

أتأمل في وجوه الناس، فلا أرى سوى وطنٍ يتآكل من الداخل،

ويخجل أن يعترف أنه صار كومة من الندم المكبوت تحت شعار "تحرير" هشّ.

كنا نظن أن الشر خلاصنا، فصار الخلاص سرابًا، كنا نركض نحو الضوء، فتبين أنه مصباح فاسد معلق على سقف خيمة في المنفى.

أيها السادة أبناء الجنوب الواحد...

أخبرونا فقط، من سرق النصر من حقائبنا؟

من خبّأ فرحتنا تحت طاولة الاتفاقيات؟

من قايض دماء الشهداء بكراسي الوزراء؟

من قال لنا تحمّلوا... بينما هو يحشو جيوبه من معاناتنا؟

من قال لنا “لا تثيروا الفتنة” بينما هو يوزّع الوظائف حسب فصيلة الولاء؟

صرنا اليوم لا نحلم إلا بكهرباء تقطع بأدب، بماء يصل ولو متأخراً ، بمرتبٍ يأتي ولو محمولاً على ظهر #حمار، بمدرسة لا يتعلم فيها أطفالنا فنّ الصبر فقط! صرنا نحسد الجدران التي تسمع سبابنا لكل الساسة وأولادهم اللعينيين والمترفين بخيراتنا ولا تشتكي!

أيها "الانتقالي العظيم"...

أخبرنا، لمن انتقلت خيرات الجنوب؟

لمن انتقلت عقود الضرائب والحقائب الوزارية والسفريات الدبلوماسية؟ أم اننا ما زلنا عالقين في نفس الحفرة... فقط غيرتم اللوحة ودهنتموها بلون شعاراتكم البلهاء، وسمّيتوه "مجلس الشعب الجنوبي". كنا نحلم معكم بوطن لا نخجل أن ننتسب إليه،

فصار علينا أن نبحث عن وطن لا نخجل أن نلعنه...!

لقد تحوّل الجنوب في عهدكم من قضية عادلة إلى فرصة استثمارية، ومن حلم دولة إلى ألبوم صور في حسابات الفيسبوك،

ومن صوت شعب إلى تغريدات وهاشتاجات يتفاخر بعدد الإعجابات فيها.

اليوم، صار الشريف فينا هو من لا يسأل عن راتبه، والخائن هو من يطالب بلقمة أطفاله، والعميل هو من يصرخ في وجه الظلم. صرنا نترحم على عفاش، لا حبًا به، بل لأن ظلمه كان منصفًا…كان يجلد الجميع بنفس السوط، أما أنتم، فلكل منطقة سوطها، ولكل مواطن نصيبه من التهميش حسب بطاقته! يا سادة الانتقالي العظماء ...نحن لا نحقد، نحن فقط نختنق. نحن لا نخونكم،

نحن فقط نتذكر كيف كان صوتنا قبل أن يصبح صدىً في آذانكم المسدودة بالريال السعودي والوعود الكاذبة. نحن بكلامنا هذا لا نثير الفتنة،نحن فقط نُفكر بصوت مرتفع في وطنٍ لا يحتمل التفكير أصلاً.

يا يوليو، دعني أخبرك بشيء أخير ، أتدري يا يوليو!! لم تعد ذكرى الغزو تؤلمنا... فلقد غزتنا الخيبة بوجوه مألوفة، ولباسٍ جنوبيّ، ولسانٍ مدهونٍ بالعسل المسموم.

#محمدوليدالسبعي