من الميدان إلى القلم… تجربة إنسانية مع برنامج الأغذية العالمي (WFP)

من الميدان إلى القلم… تجربة إنسانية مع برنامج الأغذية العالمي (WFP)

بقلم / ملوك نبيل فرتوت

بعد اكتمال عملي الميداني مع الأخ عبدالله في حي البان بلوك (2) أتوجه بخالص الشكر والتقدير إلى برنامج الأغذية العالمي (WFP) على جهوده الإنسانية الكبيرة التي أتاحت لنا فرصة الوصول إلى الفئات الأشد ضعفًا في المجتمع والتعرف عن قرب على معاناتهم واحتياجاتهم ورفع أصواتهم التي غابت طويلاً رغم حاجتهم الماسة لأبسط الحقوق المعيشية.

كما أوجه خالص التحية والتقدير للجان المجتمعية للمحافظة وكذلك قيادة اللجان المجتمعية لمديرية الشيخ عثمان الذي كان لهم الدور الاكبر في التواصل مع المنظمات الإغاثية والإنسانية والإسلامية ورفع تقارير مفصلة عن حالات المواطنين البسطاء وكذلك الأسر الأشد فقراً ورفع متطلباتهم واحتياجاتهم في مواجهة هذه الظروف المعيشية القاسية جداً في وقتنا الحاضر .

وأيضاً رؤساء الاحياء وعلى رأسهم الشيخ باسل عبدالله البان/ شيخ حي البان/ على تعاونه وجهوده الكبيرة معنا في تسهيل مهام العمل الميداني وحرصه الدائم على أبناء منطقته واهتمامه الصادق بأوضاعه وأمانته العالية التي لمسناها في كل خطوة.

 لقد كان مثالاً للقيادة المجتمعية الواعية التي تسعى بصدق لخدمة الناس والتخفيف من معاناتهم.

منذ تكليفي بهذه المهمة كنت أرى أن معايير الاستبعاد والاستهداف الموضوعة صعبة للغاية وتعجيزية بعض الشيء وكنت أعتقد أن من المستحيل أن نجد من لا تنطبق عليه تلك الشروط في مجتمعنا فكل بيت تقريباً يمتلك أدوات بسيطة أو وسيلة نقل أو عدداً من الأغنام التي تعين أصحابها على الحياة.

لكن ما إن بدأت النزول الميداني حتى تبدلت نظرتي تماماً فقد رأيت واقعاً مختلفاً لم أكن أتخيله من قبل.

في أول يوم من عملي لم أصدق ما رأيت (بيوت من الرمل _ وأسقف مهدّمة _ وأسر بلا فراش ولا لقمة عيش مضمونة).

مشاهد مؤلمة حفرت في قلبي أثراً لن أنساه ما حييت.

تلك الليلة لم أستطع النوم من شدة الحزن على ما رأيته ومنذ ذلك اليوم أصبحت أحمد الله في كل لحظة على نعمه التي كثيراً ما نغفل عنها.

كل بيت زرته علّمني درساً في الرضا وترك في نفسي أثراً عميقاً.

كنت أعود إلى بيتي أحكي لأهلي وأصدقائي عن الحالات التي رأيتها وأحثهم على شكر الله والرضا بما نحن فيه فهناك من يعيش بيننا بأوضاعٍ لا يتخيلها أحد.

هذه التجربة الإنسانية غيّرتني كثيراً وزرعت في داخلي إحساساً أعمق بالمسؤولية والرحمة تجاه المحتاجين.

لقد جعلني هذا العمل أعيش المعنى الحقيقي للصحافة الإنسانية التي لا تكتفي بنقل الخبر بل تنقل وجع الناس وتفتح الأبواب أمام الخير والعطاء.

وخالص الشكر والتقدير لـ منظمة برنامج الأغذية العالمي (WFP) على جهودهم في دعم الأسر الأكثر فقراً واهتمامهم بالفئات المنسية في المجتمع فعملهم هذا رسالة نبيلة تستحق كل الاحترام وجهد عظيم له أثره في حياة الكثيرين ممن كُتب لهم الأمل من جديد.