اندماج عمالقة الكون: تصادم الثقوب السوداء الأكبر في التاريخ

تصادم الثقوب السوداء هو حدث كوني نادر يحدث عندما يندمج ثقبين أسودين في الفضاء، مما يؤدي إلى إطلاق كميات هائلة من الطاقة على شكل موجات جاذبية. هذه الظاهرة توفر للعلماء نافذة لفهم أعمق للكون، خاصةً بعد أن أصبح بالإمكان رصد هذه الموجات باستخدام أجهزة متطورة مثل مرصد LIGO.
أول رصد لتصادم ثقوب سوداء:
في 14 سبتمبر 2015، سجل مرصد LIGO أول رصد مباشر لموجات جاذبية ناتجة عن اندماج ثقبين أسودين. كان الثقبان يمتلكان كتلًا تقدر بـ 29 و36 مرة كتلة الشمس، و حدث الاندماج على بعد حوالي 1.3 مليار سنة ضوئية من الأرض. هذا الاكتشاف فتح فصلًا جديدًا في علم الفلك، حيث تم رصد الموجات الجاذبية لأول مرة مباشرة.
و منذ ذلك الحين، تم رصد العديد من تصادمات الثقوب السوداء.
_ في 21 مايو 2019، رصد مرصد LIGO حدث GW190521، حيث اندمج ثقبان أسودان بكتلة 85 و 66 مرة كتلة الشمس، مكوّنين ثقبًا أسود بكتلة 142 مرة كتلة الشمس، و هو مثال على الثقب الأسود ذي الكتلة المتوسطة.
_ في 23 نوفمبر 2023، تم رصد أكبر اندماج للثقوب السوداء حتى الآن، حيث اندمج ثقبان بكتلة تتراوح بين 100 و 140 مرة كتلة الشمس، لتكوين ثقب أسود بكتلة 225 مرة كتلة الشمس.
كيف يحدث الثقب الأسود؟
الثقب الأسود هو منطقة في الفضاء تتمتع بجاذبية قوية جدًا بحيث لا يستطيع أي شيء، حتى الضوء، الهروب منها. تتشكل الثقوب السوداء عادةً عندما تنهار النجوم الضخمة في نهاية حياتها، مكوّنة نقطة ذات كثافة غير محدودة تعرف بالتفرد.
ماذا يحدث بعد اندماج ثقبين أسودين؟
عند اندماج ثقبين أسودين، يتم تكوين ثقب أسود جديد بكتلة أكبر من الكتل الأصلية. هذا الاندماج يطلق كميات هائلة من الطاقة على شكل موجات جاذبية، و هي تموجات في نسيج " الزمكان " تنتشر عبر الكون، و يمكن رصدها على الأرض باستخدام أجهزة مثل LIGO و Virgo. بعد الاندماج، يظل الثقب الأسود الناتج في حالة من التذبذب حتى يصل إلى استقرار تام.
تأثير الثقوب السوداء على الأجسام القريبة:
الثقوب السوداء تمتلك جاذبية هائلة تجعلها قادرة على سحب أي جسم قريب منها، سواء كان نجومًا، كواكب، غبارًا، أو حتى ضوء. عند اقتراب أي جسم من نقطة الأفق الحدودي للثقب الأسود، تبدأ قوى الجاذبية في تمزيق الجسم تدريجيًا في عملية تعرف بـ " التمزق المدّيّ " " Tidal Disruption" . المواد التي يتم سحبها تُكوّن غالبًا قرصًا دوّارًا من الغاز و الغبار حول الثقب الأسود، حيث تسخن و تصدر إشعاعات قوية، بما في ذلك الأشعة السينية.
بعبارة أخرى أن أي شيء يقترب كثيرًا من الثقب الأسود لن ينجو عادةً، بينما الأجسام الأبعد قد تتأثر فقط في مساراتها المدارية، فتبتعد أو تقترب بشكل غير طبيعي نتيجة قوة الجاذبية الشديدة للثقب.
الثقوب السوداء هي ناتج إنفجارات النجوم بعد أن ينتهي عُمرها المُحدد و يختلف ذلك لحجم النجم، أما تصادم الثقوب السوداء فهو ظاهرة كونية تدمج ثقبين أسودين بعد تصادمهِما لينتج عن ذلك ثقباً أكبر، و هذا يوفر للعلماء فرصة لفهم أعمق للكون و قوانينه برصد هذه الأحداث، و يمكن دراسة خصائص الثقوب السوداء بكيفية تشكلها، و تأثيرها على نسيج الزمكان، مع تقدم التكنولوجيا، و يتوقع رصد المزيد من هذه الأحداث و فهمها بشكل أفضل.