ساعة “ليتل بن” في عدن.. إرث الزمن الذي لا يشيخ

ساعة “ليتل بن” في عدن.. إرث الزمن الذي لا يشيخ
ساعة ليتل بن - عدن - التواهي

محور بلس/ خاص:

في قلب مدينة عدن، وتحديداً في منطقة التواهي، الواجهة الثقافية والسياسية، والإقتصادية للمدينة، تقف “ساعة ليتل بن” شامخة منذ أكثر من قرن، تحمل على عاتقها عبق التاريخ وسحر الزمن، وتُعد من أبرز المعالم التي ارتبطت بذاكرة المدينة وسكانها، بل أصبحت رمزاً من رموز التراث العدني العريق.

بُنيت هذه الساعة في عام 1890م على يد البريطانيين في أثناء فترة الاستعمار، وتم تصميمها لتكون نسخة مصغرة من ساعة “بيغ بن” الشهيرة في لندن بطلب من الملكة إليزابيث الثانية، ولذلك أُطلق عليها لاحقاً لقب “ليتل بن”. وقد جاء إنشاؤها ضمن سلسلة من البُنى التحتية التي أراد المستعمرون بها إضفاء طابعهم العمراني والثقافي على المدينة، لكنها بمرور الزمن تحولت إلى جزء لا يتجزأ من الهوية العدنية.

بُنيت الساعة على تلة مرتفعة تُطِل على الميناء التاريخي للتواهي، مما منحها مكانة استراتيجية وجمالية في آنٍ واحد. وكانت وظيفتها الأساسية تتجاوز مجرد تحديد الوقت، إذ كانت تُستخدم لتنسيق حركة السفن والبواخر، وتنظيم الحياة اليومية في المدينة التي كانت حينها ميناءً عالمياً مزدهراً تربط قارات العالم.

ما يميز “ليتل بن” ليس فقط طرازها المعماري الفكتوري الفريد، بل أيضاً قدرتها على تحدي الزمن رغم الإهمال والظروف الصعبة التي مرت بها مدينة عدن. وعلى الرغم من تعرّضها في فترات متعددة للإهمال والتخريب، إلا أن سكان المدينة ظلوا ينظرون إليها كواحدة من معالمهم المحببة وهويتهم الأصيلة التي ارتبطت في ذاكرتهم بحكايات الطفولة، وصور المناسبات، وتفاصيل الحياة البسيطة التي كانت تُعاش تحت ظلها.

شهدت الساعة في السنوات الأخيرة دعوات متكررة لترميمها والحفاظ عليها، باعتبارها من الرموز الحية لذاكرة المدينة وتاريخها وهويّتها. وقد أُطلقت مبادرات شبابية وثقافية تطالب بترميم الساعة وإعادة تشغيلها، لتدق من جديد وتُعلن أن عدن، رغم كل ما مرت به، لا تزال حية، ولا يزال تراثها حاضرًا.

أخيراً فإن أبناء عدن لا يعتبرون “ليتل بن” مجرد ساعة، بل هي مرآة لزمن جميل مضى، وشاهد صامت على تقلبات المدينة وتاريخها الغني. هي واحدة من شواهد التراث العمراني العدني الذي يجب أن يُصان ويُحتفى به، لتبقى الأجيال القادمة على صلة بجذورها وتاريخها، وتعرف أن في عدن، حتى عقارب الساعة تروي قصة مدينة لا تموت.