الاحتياطي النقدي الأجنبي لمصر يقترب من 50 مليار دولار: نجاح السياسات الاقتصادية وتحديات الاستدامة

CNN بالعربية
محور بلس
واصل الاحتياطي النقدي الأجنبي لمصر ارتفاعه للشهر الـ37 على التوالي، ليقترب من حاجز 50 مليار دولار، مسجلًا مستوى قياسياً جديداً في تاريخ البلاد، في مؤشر يعكس نجاح السياسات المصرفية والاقتصادية التي تنتهجها الحكومة المصرية لتعزيز استقرار سوق الصرف وتوفير العملة الصعبة.
ووفقاً لتقارير رسمية، بلغ صافي الاحتياطي الدولي أكثر من 49.5 مليار دولار بنهاية سبتمبر/أيلول الماضي، مدعومًا بزيادة ملحوظة في إيرادات السياحة وتحويلات المصريين بالخارج، إلى جانب تدفقات استثمارية أجنبية مباشرة، أبرزها الصفقات مع قطر ومشروعات كبرى مثل “مراسي البحر الأحمر”.
خبراء: النمو إيجابي ولكن… بشروط
يقول نائب رئيس بنك بلوم السابق، طارق متولي، إن صعود الاحتياطي النقدي يمثل “مؤشراً إيجابياً” لأداء السياسة المصرفية، بشرط أن تكون الزيادة ناتجة عن مصادر دولارية مستدامة مثل الصادرات والسياحة والاستثمارات، وليس نتيجة الاستدانة الخارجية.
وحذر متولي في حديثه لـCNN بالعربية من الاعتماد على القروض قصيرة الأجل، خاصة مع ارتفاع الدين الخارجي لمصر إلى 161.2 مليار دولار بنهاية يونيو/حزيران 2025، بزيادة 4.5 مليار دولار عن الربع السابق.
وأضاف أن وفرة الدولار في السوق المحلي وانعكاسها على استقرار الأسعار ودعم الإنتاج المحلي “سيكون لها أثر مباشر على النمو الاقتصادي وخفض معدلات التضخم”، لكنه شدد على أهمية استغلال هذا الفائض في الإصلاحات الهيكلية لتحقيق استدامة مالية حقيقية.
مصادر القوة: السياحة والتحويلات والاستثمار
ويرى متولي أن ارتفاع الاحتياطي جاء نتيجة انتعاش قطاعات حيوية مثل السياحة وتحويلات المصريين بالخارج، والتي سجلت قفزة قوية خلال 2025، حيث بلغت 23.2 مليار دولار في الأشهر السبعة الأولى من العام الجاري، بزيادة سنوية بلغت 49.7%، فيما حقق شهر يوليو وحده أعلى معدل بتحويلات تجاوزت 3.8 مليار دولار.
وفي المقابل، أشار إلى تراجع مؤقت في إيرادات قناة السويس بسبب التوترات الجيوسياسية في المنطقة، إلا أن الاقتصاد المصري تمكن من تعويض ذلك عبر مصادر أخرى، ما يعكس “مرونة ملحوظة في إدارة الموارد الدولارية”.
ثقة المستثمرين تتصاعد
أما الخبير المصرفي هاني أبو الفتوح، رئيس مجلس إدارة شركة الراية للاستشارات المالية، فقد أكد أن صعود الاحتياطي النقدي يعكس نجاحاً في تعزيز ثقة المستثمرين الأجانب، خاصة بعد الخطوات المتفق عليها مع صندوق النقد الدوليلبناء احتياطي قوي ومستدام.
وأوضح أن هذه الإجراءات “منحت المستثمرين إشارات إيجابية” بشأن استقرار السوق المصرية، وساهمت في زيادة التدفقات إلى البورصة المصرية وأدوات الدين الحكومية.
وأشار أبو الفتوح إلى أن الارتفاع الأخير في الاحتياطي انعكس بشكل واضح على مرونة القطاع المصرفي في تلبية احتياجات الاستيراد، مع انخفاض سعر الدولار أمام الجنيه بنسبة 5 إلى 6%، مؤكداً أن العائد الحقيقي على الاستثمار لا يزال مرتفعاً ويقدر بنحو 9%.
توقعات المرحلة المقبلة
وتوقع أبو الفتوح أن تساهم التطورات السياسية الإقليمية، ولا سيما المقترحات الأمريكية الأخيرة لتهدئة الأوضاع في غزة، في تعزيز استقرار سعر الصرف ودعم زيادة الاحتياطي النقدي عن طريق تحسن السياحة والصادرات والاستثمارات الأجنبية.
خلاصة المشهد
الاحتياطي النقدي لمصر يواصل صعوده بثبات، في وقت تواجه فيه البلاد تحديات اقتصادية معقدة تتطلب موازنة دقيقة بين زيادة الموارد الدولارية وخفض أعباء الدين الخارجي.
ومع استمرار تحسن مؤشرات السياحة والتحويلات، تبدو مصر على الطريق الصحيح، شريطة أن يُبنى هذا النمو على أسس مستدامة تضمن بقاء الاقتصاد متماسكاً أمام أي اضطرابات إقليمية أو عالمية قادمة.
أبرز أرقام الاقتصاد المصري في 2025
• الاحتياطي النقدي الأجنبي:
بلغ 49.5 مليار دولاربنهاية سبتمبر/أيلول 2025، مسجلاً ارتفاعاً للشهر الـ37 على التوالي، ليقترب من مستوى 50 مليار دولارللمرة الأولى في تاريخه.
• الدين الخارجي:
وصل إلى 161.2 مليار دولاربنهاية يونيو/حزيران 2025، بزيادة قدرها 4.5 مليار دولارعن الربع السابق، وفق تقرير وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية.
• تحويلات المصريين بالخارج:
سجلت 23.2 مليار دولارفي الأشهر السبعة الأولى من عام 2025، بنسبة نمو سنوية بلغت 49.7%، في حين بلغ حجم التحويلات خلال شهر يوليو وحده 3.8 مليار دولار.
• إيرادات قناة السويس:
شهدت تراجعاً نسبياً نتيجة التوترات الجيوسياسية في المنطقة، إلا أن الحكومة نجحت في تعويض النقص عبر زيادة العوائد من السياحة والاستثمارات الأجنبية.
• سعر صرف الجنيه:
شهد تحسناً ملحوظاًبانخفاض سعر الدولار بنسبة تتراوح بين 5% و6%خلال الربع الثالث من العام، ما ساهم في دعم استقرار الأسواق وزيادة الثقة في الاقتصاد.
• العائد الحقيقي على الاستثمار المحلي:
بلغ نحو 9%، مما جعل السوق المصرية وجهة جذابة للاستثمار الأجنبي المباشر وللمستثمرين في أدوات الدين الحكومية.