ارتجفت جبال صعدة خاضعة أمام جبال ردفان.

جواس؛ حين أنطق هذا الاسم يمتلئ فمي — أشعر أنه ليس اسماً عادياً، بل كأنه كتلة من الصخر تخرج من فمي. هذه الهيبة والملامح الصارمة تبعث الرهبة في قلب الصديق والعدو في نفس الوقت.

حين عجز القادة وتعثرت خطوات الأرتال العسكرية وتعطلت عجلات العربات، بعد أن أصبحت صعدة في نظر القادة قلعة لا يقدر على اقتحامها إلا جيش سليمان والشياطين.

تم إسناد هذه المهمة إلى الرجل الذي يرتعد لهيبته الصخر الأصم، وكأنه صخرة قدت من جبال ردفان التي تعطّرت بالبارود. حزم القائد متاعه وانطلق صوب المهمة بلهفة وتشوق إلى إمساك هذا الجرذ الذي أتعب الجميع واصبح يتردد أسمه بين القادة الذين فشلوا في النيل منه.

تم اقتحام الكهف الذي يقبع فيه حسين، الذي ظن أن صعدة منيعة ولن يصل إليها أحد، لكن جواس لا تصده الجبال الشاهقة ولا القلاع الحصينة. كان القائد جواس هو الذي اقتحم الكهف بنفسه، يتقدم الجنود وكأنه درع لهم من الرصاص لم يكون يعطي الأوامر وهو في غرفة القيادة بل يخطط ويهجم مع جنودة ويتقدمهم كالليث.

كأني أتخيل تلك اللحظة المهيبة؛ حين لمعت عيون جواس المشتعلة بالغضب أمام حسين كاني أراه يرتعد من صرامة ملامح هذا القائد المهيب، يبدو أن رجلي حسين قد عقرَتا وعجزت حتى عن النهوض، ورتعدت مفاصله لأنه يعلم أنه أمام قائد لا يتهاون أبداً.

حين ظهر أمامه كالمارد العملاق، شاهد حسين ملك الموت على كتفي جواس، ينتظر الأمر أن يقبض الروح الشريرة.

وكأني بـ جواس يقول لحسين: "إن كنت من جبال صعدة فأنا من جبال ردفان التي تعتمر السحاب عمامة."

يُقال إنه عندما وصل جواس إلى جانب حسين الهالك أخذ القائد جواس هاتفه وأجرى مكالمة مع علي عبدالله صالح، أخبره أنه تم القبض على حسين. يُقال إن علي قال: "لا تقتلوه بل أحضروه إلى هنا." لكن جواس وجه مسدسه إلى رأس حسين وأطلق فيه رصاصة، أنقذت البلاد من شيطان رجيم. كاد علي عبدالله صالح يجنّ عندما سمع الطلقة؛ لأنه كان يريد استثمار الحرب والمتاجرة بها، لكن جواس قال: "لن أسمح بإطلاق هذا الشيطان الذي خسرت جنودي في سبيل القبض عليه. لا جزاء له غير الموت."

رحم الله الشهيد المقدام جواس وأحسن مثواه.