تليف الرئة.. مرض عصري خطير يتزايد مع التلوث ويفرض تحديًا جديدًا على صحة الإنسان
خاص
محور بلس
في زمن تتسارع فيه معدلات التلوث البيئي وتزداد فيه مسببات الأمراض، باتت مشاكل الرئتين من أكثر القضايا الصحية التي تستحق الوقوف عندها. وفي هذا السياق، يبرز مرض تليف الرئة كأحد أخطر الأمراض التنفسية الصامتة التي تتطور ببطء، لكنها تترك آثاراً عميقة على حياة المريض وجودتها.
ما هو تليف الرئة؟
تليف الرئة، أو التشمع الرئوي (Pulmonary Fibrosis)، هو حالة تصيب أنسجة الرئتين بتندّبات متزايدة مع مرور الوقت.
هذه التندبات تؤدي إلى سماكة وتصلّب الرئة، ما يجعل عملية التنفس أصعب وقدرة الدم على استقبال الأكسجين أقل، وهو ما ينعكس مباشرة على كافة أعضاء الجسم.
أسباب الإصابة… أربعة مسارات تقود للمرض
يُقسم الأطباء أسباب التليف الرئوي إلى أربعة محاور رئيسية:
1. التليف الرئوي مجهول السبب
وهو الأكثر شيوعاً عالمياً، إذ يُسجّل نحو 50 ألف حالة سنوياً، ويظهر غالباً عند الرجال بين 50 – 70 عاماً دون سبب مباشر معروف.
2. أمراض تسبّب التليف
تشمل:
• أمراض المناعة الذاتية مثل الروماتويد وتصلب الجلد ومتلازمة شوغرن
• الالتهابات الفيروسية وبعض أنواع الالتهاب الرئوي
• ارتجاع المريء
• مرض الساركويد
3. التليف العائلي (الوراثي)
عندما يُصاب أكثر من فردين من العائلة، ما يشير لاحتمالية انتقال جينات مسؤولة عن أمراض الرئة الخلالية.
4. العوامل البيئية والمهنية
تعرّض طويل لـ:
• الأسبستوس والسيليكا
• غبار الخشب
• فضلات الطيور
• العلاج الإشعاعي
• بعض أنواع أدوية القلب والمضادات الحيوية
كما يُعد التدخين من أبرز عوامل الخطر.
هل تليف الرئة مرض معدٍ؟
على الرغم من استمرار السعال لفترة طويلة لدى المريض، يؤكد الأطباء أن تليف الرئة غير معدٍ إطلاقاً، ولا ينتقل من شخص لآخر، إلا إذا كان المريض مصاباً بعدوى فيروسية مرافقة.
أعراض تتطور بصمت
يتميّز المرض بأنه يتقدّم ببطء، وتبدأ علاماته بشكل تدريجي، منها:
• صعوبة التنفس حتى مع مجهود بسيط
• سعال جاف مستمر
• إرهاق واضح وفقدان وزن
• فقدان الشهية
• انتفاخ واستدارة أطراف الأصابع
متى يجب زيارة الطبيب؟
عند استمرار السعال لأكثر من 3 أسابيع أو زيادة صعوبة التنفس… يجب عدم التأجيل، فالتشخيص المبكر يصنع فارقاً كبيراً.
مضاعفات خطيرة يجب الحذر منها
ومع الإهمال، قد يتطور الوضع إلى:
• ارتفاع ضغط الشريان الرئوي
• قصور الجانب الأيمن من القلب
• سرطان الرئة
• الفشل التنفسي
• جلطات أو فشل رئوي حاد
تليف الرئة وكوفيد-19… علاقة تستدعي الحذر
أظهرت جائحة كورونا أن مرضى التليف الرئوي كانوا من أكثر الفئات عرضة للمضاعفات الخطيرة، ما يستدعي متابعة دقيقة والالتزام بإجراءات الوقاية بشكل مضاعف.
كيف يتم التشخيص؟
يعتمد الأطباء على عدة وسائل، أبرزها:
• الأشعة السينية
• الأشعة المقطعية للرئة
• اختبارات وظائف التنفس
• تحاليل الدم
• منظار القصبة الهوائية عند الحاجة
خيارات العلاج… السيطرة بدل الشفاء
حتى اليوم، لا يوجد علاج نهائي يزيل التندبات، لكن توجد طرق فعّالة للتعايش وتقليل المضاعفات، تشمل:
• أدوية تبطئ تطور المرض
• الأكسجين الإضافي
• برامج إعادة التأهيل الرئوي
• زراعة الرئة في بعض الحالات
• اتباع نمط حياة صحي خالٍ من التدخين والملوثات
خلاصة
رغم خطورة تليف الرئة، فإن الملايين حول العالم يعيشون حياة مستقرة بفضل التشخيص المبكر، والالتزام بالعلاج، واعتماد نمط حياة صحي.
إنها رسالة واضحة: اجعل تنفسك أولوية… وراقب كل إشارة ترسلها رئتاك.




