المرأة والتعليم بين فِكرِ الإسلامِ والتحريفِ المُجتمعي

في رُكنٍ ما من هذا العالم، لا تزالُ المرأةُ تُحرمُ من أبسط حُقوقِها كحقها في التعليم! نتيجة لمعتقدات باطلة تم نسبها للدينِ الإسلامي؛ بينما هذا الدينُ العظيم كرمَ المرأةَ وأعطاها حقوقاً كالرجل، بل وعظم مكانتها، ونزلت آياتٌ قُرآنيةٌ وأحاديثُ نبوية دعت إلى الاهتمام بها وعدمِ ظلمها. 

وما تزال هذه المعتقدات شائعة في كثير من المناطق، حتى أن بعض الأسر حرمت بناتهن من التعليم بحُجةِ أن الدين أمر أن تبقى المرأةُ في المنزل، ولا تتعلم إلا ما يكفي لفهمِ القراءةِ و الكتابة. 

بحسرة وأسى تقول مريم (اسم مُستعار): "أخبرت أخي الأكبر أني أريدُ أن أُصبح طبيبةً في المستقبل، فضحك بسخريةٍ ثم قال: أنتِ تمزحين بالتأكيد، نحنُ عائلةٌ مُتدينةٌ ولها سمعةٌ طيبة. ثم أكمل: أنتِ لا مكانَ لكِ سوى المنزل ثُمَ منزلُ زوجكِ المُستقبلي، أما غير ذلك فلا تحلمِ". كل محاولات مريم في إقناع أسرتها بمواصلة مسيرة التعليم والوصول لحلم أشبه بالمستحيل بائت بالفشل، بحجة الدين ومخالفة الأخلاق.

ما يجهلهُ البعضُ في هذا المُجتمعِ أن الدين حثَ على التعلم والعمل للرجالِ والنساءِ على حدٍ سواء، وفي الحديثِ الشريف: "طلبُ العلمِ فريضةٌ على كُلِ مُسلمٍ ومُسلمة"، و بالتأكيد جميعُنا نعلم أن أُم المؤمنينَ عائشة رضي الله عنها كانت من أكثرِ رواةِ الأحاديثِ النبوية، حيثُ روت ما يُقارب ٢٢٠٠ حديثاً، وكانت مرجعاً علمياً في الفقه، التفسيرِ، الشعرِ، والطب، وعَلَمت النساءَ والرجالَ، ولُقبت ببحرِ العِلم. وفيما تنتشرُ المعلوماتُ المُضللةُ بين أوساطِ المُجتمع، يجهلُ الكثيرُ حقائقَ دورِ المرأةِ المُسلمةِ سابقاً في التعلم، فأولُ جامعةٍ في العالم أُنشئ عام 859 ميلادي، التي أسستها إمرأةُ مُسلمة تُدعى فاطمة الفهرية المُلقبة بـ " أُم البنين "، وهي جامعة القرويين في" فاس " المغربية. 

فالحقيقة أن الدين لم يأمر بظُلمِ المرأة بل إنصافها و إكرامِها في كُلِ شي، فاللهُ سُبحانهُ وتعالى يقول في كِتابه "فَنَادَاهَا مِن تَحتِهَآ أَلَا تَحزَنيِ" و قال "وَ لَا تَخَافي وَ لَا تَحزَني إِنَّا رَآدُّوهُ إِلَيكِ" أي أنهُ سبحناه و تعالى أكد على الا تحزن المرأة و أن مشاعرها أهم، و قال نبيُنا عليه الصلاةُ و السلام: "استوصوا بالنساءِ خيراً" و قالَ عنهم " المؤنساتُ الغاليات " 

لكن هُناك فئاتٌ تنشرُ معلوماتٍ كاذبةٍ عن الدينِ لتمنعَ المرأة من التعلم أو من حُقوقِها الأُخرى؛ مما أدى لجعلها تعيشُ حياةً بلا رأي و بلا مجالٍ للحُلمِ، لترى نفسها كطبيبةٍ أو مُعملة، بل كربةِ منزلٍ و أُمٍ مُرغمةٍ على العملِ بصمت. 

يعتقد البعض أن الدين الإسلامي خلق المرأة لتكون خادمةً في المنزلِ فحسب، لتتزوج دونَ طلبِ رأيها، و تعمل حتى يتوفاها القدر، لكِنَ الدين لم يذكر أياً من ذلك سواءً في القُرآنِ أم الأحاديثِ النبوية، فيستشهِد البعضُ بالآيةِ الكريمة" الرجالُ قوامونَ على النساء " لكنهم لا يفهمونَ تفسيرها مُطلقاً و يضعونها كبطاقةٍ رابحةٍ لهم، بينما تعني الآيةُ أنه يجب على الرجالِ أن يقوموا عليهنَّ في كل شيءِ كصرفِ المالِ لهُن، حمايتُهُنَّ و الوقوفِ معهنّ. 

تُنشرُ أللفاظٌ في المُجتمعِ مثل " أنتِ إمرأة و مكانُكِ المطبخ " و " مكانُكِ البيت ثمُ بيتُ زوجك ثُم قبرُك "، هذا الأمر لم يكن ليقولهُ نبيُنا الكريم، و ما تظنُ أنهُ ليسَ لائقاً بالنبي كيف تظنُ أن الله قد يأمرُ به! هذا الأمرُ كانَ سائِداً عِندَ الفراعنةِ فحسب، فكان فرعون يقول أن النساء يخدمنَّ فحسب، و أنهُ لا رأيَّ لهُنّ، و الان في هذا المُجتمعِ تُنشرُ هذهِ القوانينُ الفرعونيةُ على أنها قوانينٌ في الدينِ الإسلامي 

هذهِ القوانينُ المُلفقةُ أدت لُظلمِ المرأةِ، و جعلِها تعيشُ حياةً مُقيدة، في حيّنِ أن الكثيرَ من الفتياتِ يدرسنّ في المدارسِ و يحصلنَّ على إمتيازاتٍ و مراكزٍ عالية، إلا أن الكثيرَ منهنَّ غادرنَ المادرسَ بقلوبٍ مُحطمةٍ لا زالَ خيطٌ منها عالقٌ في زيّ طبيبةٍ، أو مُحامية، هذا الأمرُ ترك أثراً عميقاً للفتاةِ، من حرمانها من فُرصِ العمل، و عزلِها عن النقاشاتِ المُجتمعية، بل و ترسيخِ النظرةِ الدنيويةِ عنها كمجردِ أداةٍ منزلية، ترك هذا لها تساؤلاتٍ كلماذا لا تتساوى مع الرجُل و رُبما تمنياتٍ بأن لم تُخلق كإمرأة! 

كل تلك القوانين المزيفةَ التي نُسبت إلى الدينِ الإسلامي لم تؤثر على الفتاةِ المُسلمةِ فحسب؛ بل أعطت صورةً سيئةً عن الدينِ الإسلامي، و هذا ما جعلَ الكثيرَ من الغربِ يظنونَ أن ديننا يظلمُ المرأة و يسلبُها حُقوقها، هذا أيضاً جعل الكثير يتراجع عن الدخول للدين الإسلامي، و التحدث بسوءٍ عنه كأنهُ دينٌ يمنعُ النساءَ من العلُمِ و العمل، وجعلِها كخادمةٍ للعملِ فحسب .