الفساد في قطاع النفط: وثائق رسمية وشهادات برلمانية تكشف انهيار الحوكمة وغياب الرقابة

الاتحاد المدني لمكافحة الفساد
محور بلس
كشف الاتحاد المدني لمكافحة الفساد، في بيان رسمي، تفاصيل خطيرة وردت في تقرير لجنة تقصّي الحقائق البرلمانية بشأن الفساد في قطاعات النفط والكهرباء والاتصالات والقضايا المالية، مؤكداً أن قطاع النفط يمثل “العصب الاقتصادي الأهم والبوابة الكبرى التي يتسرّب منها الفساد بلا رقيب ولا محاسبة”.
وأفاد البيان أن اللجنة البرلمانية، التي شُكلت بقرار هيئة رئاسة مجلس النواب رقم (4) بتاريخ 9 أبريل 2023، وضمت تسعة نواب، أصدرت تقريرها النهائي في 24 أغسطس 2023، والذي أظهر انهياراً مريعاً لمنظومة الحوكمة في قطاع النفط وغياب شبه كلي للشفافية والرقابة، إضافة إلى تورط جهات رسمية في صفقات مخالفة للدستور والقانون.
أبرز ما كشفه التقرير البرلماني
-امتناع شركات نفطية، أبرزها “صافر” و”بترو مسيلة”، عن تقديم بيانات فنية وتقارير إنتاج وموازنات تشغيلية لسنوات.
-توقيع عقود شراء ديزل بأسعار مرتفعة بلغت 1255 دولارًا للطن، دون مناقصات وبالتواطؤ مع جهات حكومية.
-توقف قطاعات نفطية بالكامل منذ 2015، وسط غموض حول مصير العائدات وعدم وجود معالجات عملية.
-فوضى إدارية وتداخل صلاحيات بين وزارة النفط وهيئة الاستكشافات، وغياب الدور الرقابي الحكومي.
-امتناع وزارة النفط عن التعاون مع اللجنة البرلمانية وتهربها من تقديم ردود شفافة حول العقود والتكليفات.
كما أشار التقرير إلى مخالفات خطيرة تتعلق بشركة “بترو مسيلة”، أبرزها:
-عدم تسليم بيانات الإنتاج رغم طلبات رسمية من الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة والنائب العام.
-غياب قرار وزاري رسمي بتأسيس الشركة رغم الإعلان عنها في ديسمبر 2011.
-عدم توفر بيانات رسمية عن القطاعات النفطية التي تديرها (14، 51، 53).
-عدم صدور نظام أساسي أو لوائح قانونية ومالية تنظم عمل الشركة، ما جعلها بمثابة “شركة فوق الدولة”.
الاتحاد المدني: التحقيق والمحاسبة ضرورة عاجلة
وأكد الاتحاد المدني في بيانه ضرورة فتح تحقيق شامل وفوري في جميع ما ورد في التقرير، وإحالة كل من يثبت تورطه إلى القضاء، إضافة إلى إلغاء كافة العقود غير القانونية ومراجعة الاتفاقات النفطية والمالية خارج الأطر القانونية.
كما شدد على ضرورة إلزام وزارة النفط وهيئة الاستكشافات والجهات المعنية بتقديم بيانات شفافة ومعلنة حول الإنتاج والعائدات النفطية، والمطالبة بإقالة أي مسؤول يثبت تورطه في تغطية هذه التجاوزات.
وأشار الاتحاد إلى أن قيمة التقرير تكمن في تنفيذه، وأي تقاعس عن المحاسبة يُعد تواطؤاً مباشراً مع الفساد.
دعوة لمجلس النواب والسلطات
ورغم أن مجلس النواب لم يُجدّد انتخابه منذ أكثر من 15 عاماً، ويضم تمثيلاً جنوبياً محدوداً، اعتبر الاتحاد المدني أن تقرير اللجنة البرلمانية وثيقة رقابية رسمية لا يجب إهمالها.
ودعا المجلس إلى تنفيذ توصيات تقريره قبل تشكيل لجان جديدة تُكدّس الملفات وتُعطّل الحلول، مطالباً أعضائه، وفي مقدمتهم رئيس المجلس، بتقديم إقرارات الذمة المالية التزاماً بالدستور والقانون.
الثروة الوطنية حق للشعب
واختتم البيان بالتأكيد على أن الثروة الوطنية ليست سراً تجارياً أو ملكية خاصة، بل حقٌ للشعب وملف سيادي لا يعلو عليه شيء، محذراً من أن استمرار التلاعب والفساد سيدفع الدولة إلى مستنقع الفشل والانهيار.
وقال الاتحاد: “إما الشفافية والمحاسبة… أو الانزلاق نحو مستنقع الدولة الفاشلة. مرحلة التغاضي قد انتهت، ونحمّل الجميعالمسؤولية الكاملة عمّا آلت إليه الأوضاع”.
صادر عن الاتحاد المدني لمكافحة الفساد – 26 يوليو 2025