عدن.. الإقتصاد لُقمةٌ عالقة
في عدن لا تُمطرُ السماءُ كثيراً، و لكن يُمطرُ جبينُ الشعبِ دائماً، رغمَ ذلك تُشرقُ إبتسامةَ الشعبِ بدلاً عن الشمس، و يوزعونها على الشوارعِ المُنطفئة.
في هذهِ المدينةِ التي تحتوي ميناءً قاتل الجميعُ لأجله، ميناءً كان يتغنى بهِ العالم، و الآن أصبح الإقتصادُ لُقمةً عالقةً في الحلق ، و الحقوقُ البسيطةُ أصبحت أحلاماً مُحرمةً للشعب.
الأسواقُ تتنفسُ بثقل، و العملةُ تنهارُ يوماً بعد يومٍ تتركُ للشعبِ حُريةَ تخيلُ النهاية، فلإقتصادُ أصبحَ قضيةً و ليس مُجردَ أخبارِ عُملة، قصةٌ تُروى في صوتِ بائعٍ فقدَ شغفه، و تنهيدةُ رجُلٍ عجزَ عن إعالةِ عائلته، و نظرةُ طفلٍ متوسلٍ لشراءِ منديلٍ منه.
الكهرباءُ حِملٌ آخر وضِعَ مع إنهيارِ العُملة، و المياهُ تأتي مُتأخرةً ربما بسببِ الزحمة!
المدارسُ و الجامعاتُ بدائيةٌ قلةٌ منها تطورت لتقومَ بتشغيلِ مِروحة؛ لأن الطاقاتِ الشمسيةَ باهظة.
المُعلمُ يقومُ بتقسيمِ نفسهِ على أماكنٍ عدة؛ ليجدَ ما يكفي ليُعيلَ عائلته.
و تبدأُ الهمومُ تجتمعُ منذُ الساعةِ السابعةِ صباحاً، الطالبُ يحملُ ما يكفي لوصولهِ للمدرسة أو الجامعة، و يؤجلُ الإفطارَ حتى يعودَ بعد الظُهرِ لمنزله، الأبُ يخرجُ لعملهِ الذي لم يسلمهُ راتبهُ الشهريَّ بعد، على أملِ أن يأخذهُ اليومَ كاملاً ليعودَ مُحملاً لعائلتهِ أكياساً من الفرحة، أما على الجانبِ الآخر رجلُ يخرجُ قبل الجميعِ لأنهُ قِطارَهمُ الصغير؛ إنهُ السائقُ المُنتظرُ منذُ السابعةِ إشراقاً، يحترقُ تحتَ الشمسِ حتى تغيبَ و يستمرَ أيضاً في عمله، لا يتوقفُ عن العملِ لأن الخمس مائةٍ من الفردِ الواحدِ لا تكفي لقوتِ يومه.
لكن رغم هذا الجانبِ الأسودَ من الإقتصادِ تظلُ عدن تنبضُ بالحياةِ، بلأملِ و التفائُل.
لأن عدن لا تموتُ لمُجردِ عاصفةٍ عابرة، بل تبني جُدراناً حديدةً من الصبر، و حلولاً للمشكلةِ، لتقومَ بطلاءِ الظلامِ بنورِ القمر.